القائمة الرئيسية

الصفحات

الاصوليون يحللون قياس الأولى


قياس الأولى : هو قياس شئ على شئ آخر أولى منه حسب تفكير وعقل المجتهد . وهذا ما يسمى بالقياس الشيطاني لأن أول من عمل بهذا القياس هو الشيطان لعنه الله عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسجود لآدم فأبى ذلك محتجا بأنه أولى بالسجود وتوصل إلى هذه النتيجة بقياس الاولوية عندما قاس نفسه المخلوقة من النار بنفس آدم المخلوقه من طين وفهم من هذا القياس أن النار أكثر نورا من الطين . قال الله تعالى عن أبليس ( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) الاسراء آية61 . وقال الله تعالى عنه أيضا ( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) وبناء على قياس الأولوية أبي أبليس السجود لآدم عليه السلام معتمدا ذلك القياس .


و هذا ما وضحه الامام الصادق (عليه السلام) فقد جاء عن عبد الله القرشي قال : دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له : ( يا أبا حنيفة ! بلغني أنك تقيس ؟ قال : نعم قال : لا تقس فإن أول من قاس إبليس حين قال : خلقتني من نار وخلقته من طين ، فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر) . الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 58

ومن هنا نفهم أن العلة في أحكام الله غير معلومة فلها أبعاد تفوق العقول البشرية التي أعتادت على فهم المسائل فهماً سطحيا فتبني على فهمها العقلي احكاماً كما بنى ابليس (عليه اللعنة) حكما ظاهريا في مسألة سجوده لآدم (عليه السلام) مستخدما عقله الذي أدى به إلى المعصية فأصبح من الخاسرين . ومن الذين غزاهم القياس مدرسة الاصول العقلية التي ينتمي إليها  فقهاء المخالفين والكثير من فقهاء الشيعة الاصوليون في الوقت الحاضر رغم تحريم أهل البيت عليهم السلام جميع أنواع القياس 

نصوص تحريم جميع أنواع القياس ومنها قياس الاولوية :


1- ويدل على عدم حجية قياس الاولوية من الأخبار ما رواه الصدوق في من لايحضره الفقيه كتاب الديات وكذلك الكليني في الكافي والطوسي في تهذيب الاحكام عن أبان ابن تغلب أنه قال : ( قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها ؟ 
قال عشرة من الإبل . قلت : قطع اثنين ؟  قال : عشرون . قلت : قطع ثلاثا ؟ قال : ثلاتون . قلت : قطع أربعا ؟ قال :عشرون قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون ؟ إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنتبرأ ممن قاله ، ونقول : الذي قاله شيطان . 

فقال : مهلا يا أبان إن هذا حكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، يا أبان إنك أخذتني بالقياس ، والسنة إذا قيست محق الدين ) من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج 4 - ص 118 – 119 \ الكافي - الشيخ الكليني - ج 7 - ص 299 – 300 \ تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 10 - ص 184

نلاحظ ان أبان أخذ بقياس الأولوية فلم يأيده الامام عليه السلام بل نهاه وبين له الحكم الحقيقي وهذا يدل أن قياس الاولوية يؤدي إلى هدم الدين والضلال لانه يؤدي إلى تحريم الحلال وتحليل الحرام وهم لا يعلمون قال تعالى ( وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ) 

2 - وروى البرقي نفس الحديث في كتاب المحاسن ، وزاد - بعد قوله : ( إنك أخذتني بالقياس ) – ( إن السنة لا تقاس ، ألا ترى أنها تؤمر بقضاء صومها ولا تؤمر بقضاء صلاتها ) المحاسن - أحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج 1 - ص 214 .
اقول لو كان الدين يعرف بقياس الاولويه وغيره  من القياسات لكان الاولى بالمرأه أن تقضي صلاتها ولا تقضي الصوم لأن الصلاة هي عماد الدين ولكن هيهات هيهات أن يعرف الدين بالقياس .

3 - ومن الروايات الدالة على بطلان هذا القياس بالتحديد بل كل انواع القياس التي تستخدم في نفس الاحكام الشرعية مانقله الميرزا النوري في المستدرك عن القطب الراوندي في لب اللباب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث أنه قال : ( اما لو كان الدين بالقياس ، لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما ) مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج 17 - ص 264 - 265

والملاحظ من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) الصراحة في تحريم العمل بقياس الاولوية فقد ذكر بان الدين لو عُمل بالقياس كان (الاولى) مسح باطن القدمين لان باطن القدم يتعرض للنجاسة اكثر من ظاهره وهذا الحديث فيه دلالة صريحة على النهي عن العمل بقياس الاولوية . 

أعزائي هذا الحديث وغيره أحتججت به على شيخ أصولي من بلدتي حاورته ومسكته من رقبته بهذه النصوص فما استطاع الفكاك إلا بالترقيع والتلاعب بالالفاظ واستخدام الصنمية  حينما قال : قال المرجع وقال المرجع بلا فا ئدة حتى قلت له إليس المرجع الفلاني ينطق بالهوى فقال لا فرددت عليه وقلت (  ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيي يوحى ) وهذا لا يكون إلا للنبي وآله الطاهرين بعدها أقر بان المرجع قد ينطق بالهوى ولكن غير متعمد فقلت له خلاص المهم أنه ينطق بالهوى ، وكان يحضر النقاش جماعة من الاصحاب وبعض الناس فلما رأيته هكذا لا حجة لدية تركته .ولم أضيع وقتي معهم  .

4 - وكذلك مانقله العلامة المجلسي والمحقق البحراني عن تفسير العسكري ( عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودتنا ، إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن ، تفلتت منهم الأحاديث أن يحفظوها ، وأعيتهم السنة أن يعوها ، فاتخذوا عباد الله خولا ، وماله دولا ، فذلت لهم الرقاب ، وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب ، ونازعوا الحق أهله ، وتمثلوا بالأئمة الصادقين وهم من الكفار الملاعين ، فسئلوا عما لا يعملون فأنفوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون ، فعارضوا الدين بآرائهم فضلوا وأضلوا . أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - ص 84 \ الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 1 - ص 62

5 - ومن الروايات التي جائت بهذا الخصوص ما ورد من قول الصادق ( عليه السلام ) لأبي حنيفة : ( اتق الله ولا تقس الدين برأيك ، فإن أول من قاس إبليس ، إلى أن قال : ويحك أيهما أعظم ، قتل النفس أو الزنا ؟ قال : قتل النفس . قال : فإن الله عز وجل قد قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة . ثم قال : أيهما أعظم ، الصلاة أو الصوم ؟ قال : الصلاة . قال : فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ، فكيف يقوم لك قياس ؟ فاتق الله ولا تقس )


والملاحظ ايضا من قول الصادق (عليه السلام) وأحتجاجة مع النعمان بان الاولى ان يكون في قتل النفس اربعة شهود بدلا من اثنين ولكن الشرع امر باثنين فسقط هذا القياس وكذلك في الصوم والصلاة فأن الاولى ان تقضي المرأة صلاتها لانها أوجب من الصوم ولكن الشرع أمر بالعكس فنكسر قياس الاولوية وضرب به عرض الحائط 

6 - وأخيرا رواية تنهى عن جميع المقاييس فقد جاء عن أبي شيبة الخراساني قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : (إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس فلم تزدهم المقاييس من الحق إلا بعدا ، وإن دين الله لا يصاب بالمقاييس ) وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 43

فقهاء الشيعة الاصوليون يعملون بقياس الاولوية :

هناك فقهاء كبار تدرس كتبهم  وتعتبر منهج دائم في الحوزة يدرسه جميع طلبة العلوم الدينية ومن هولاء الشيخ محمد رضا المظفرالذي أكد في كتابه أصول الفقة والذي يدرس في الحوزة على هذا النوع من القياس وقال بحجيته في مواضع عدة منها قوله : ( منصوص العلة وقياس الأولوية ذهب بعض علمائنا - كالعلامة الحلي - إلى أنه يستثنى من القياس الباطل ما كان " منصوص العلة " و " قياس الأولوية " فإن القياس فيهما حجة. وبعض قال : لا إن الدليل الدال على حرمة الأخذ بالقياس شامل للقسمين ، وليس هناك ما يوجب استثناءهما .
والصحيح أن يقال : إن " منصوص العلة " و " قياس الأولوية " هما حجة ، ولكن لا استثناءا من القياس ، لأ نهما في الحقيقة ليسا من نوع القياس ، بل هما من نوع الظواهر ) أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج 3 - ص 202

والعجيب انه يقول ويسميه (قياس الاولوية) ثم يحاول أستغفال الناس واستحمارهم بقوله (لأنهما في الحقيقة ليسا من نوع القياس) فهذا تناقض عجيب وقع فيه الشيخ فأنت الذي تقول قياس كيف ترجع وتقول بانه ليس بقياس .وهذا من علامات الجنون كالذي يقول قياس لا ليس بقياس وهكذا دواليك يدور في دائرة مفرغة يريد أن يقتع نفسه بأنه ليس قياس ولا يستطيع ذلك لأن الحقيقة والواقع تقول بأنه قياس ولكن يقول في نفسه نغير اللفظ ونمشيها وخلاص . تلاعب بالألفاظ عجيب لتمرير هذا القياس. 

ناقشت في يوم من الايام ذلك الشيخ الذي تكلمت عنه منذ قليل فقلت له : لماذا تعملون بقياس الاولى وهناك روايات تقول بأنه حرام . فياتيني بمثال التأفف على الوالدين في القران الكريم ولكن قلت له هذا قياس ققال لي ما المشكلة عندك ؟ فأجاب على نفسه  وقال : في لفظ قياس ثم أوجد الحل وقال : أجل ما فيه مشكلة غير أسم القياس إلى أي أسم آخر وتحل المشكلة عندك . انا أستغربت من كلامه هذا وقلت بكل هذه البساطة تغيرون الاسم وتحل المشكلة ويصير حلالا ، طيب هو مازال قياس في نفسه لأن صيغة العمل به تسمى قياس حتى لو غيرنا الاسم قد يمشى هذا التلاعب بالألفاظ على الناس ولكن لا يمشي على رب العالمين أنتهى . 

ومن هولاء الفقهاء المعاصرين الذين حاولوا إيهام الناس بأن قياس الاولوية ليس فيه خلاف ولا نزاع بل انه أمر متفق عليه الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حيث قال : (إن من يقول ببطلان القياس يستثني قياس الأولوية ، فمثلا يقول تعالى : ولا تقل لهما اف ولا تنهرهما ونفهم بطريق أولى ألا نؤذيهما من الناحية البدنية . والآية مورد البحث من قبيل قياس الأولوية وليس لها ربط بالقياس الظني مورد الخلاف والنزاع)الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج 17 - ص 480

وذكر السيد محمد تقي الحكيم هذا القياس قائلاً : (مفهوم الموافقة أو قياس الأولوية : وهو ما كان اقتضاء الجامع فيه للحكم بالفرع أقوى وأوكد منه في الأصل ، ومثاله ما ورد في الكتاب من النهي عن التأفف من الوالدين ( ولا تقل لهما أف ) القاضي بتحريم ضربهما ، وتوجيه الإهانة إليهما) الأصول العامة للفقه المقارن - السيد محمد تقي الحكيم - ص 317

نقول أن الذي يريد ان يبين شيئا شرعيا عليه أقامة الدليل على صحته أو بطلانه ولكن العجيب عند الاصوليين أنهم يرمون بالقواعد الاصولية على حسب عقلهم وفهمهم فأذا كان هذا القياس مستثنى من أنواع المقاييس التي لعنها الامام (عليه السلام) بالجملة لكان على الامام ان يبين بان هذا القياس ليس من أنواع القياس المحرم بل أن فيه مرضاة الله وهذا مما لم يحصل البتة بل حصل العكس كما تقدم ذكره

الاصوليون يتبجحون بآية التأفيف كدليل على صحة قياس الأولوية :


دائما الاصوليون يتبجحون بهذه الاية في قوله تعالى ( ولا تقل لهما أف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما ) وأظهروا منها هذه القاعدة الاصوليه العقلية التي تقول بما ان الأف منهي عنه فالضرب والأهانه أولى في النهي فكأنهم أخترعوا الذرة الحين مع إن هذه القاعدة مأخوذة من الأصوليين المخالفين أصلا . وجعلوها قاعدة يعتمدونها في المسائل الفقهية فاخذوها منهم نسخ ولصق .واصبحوا يرددونها في رسائلهم العملية الاولى والاولى

فإذا كانت هذه القاعدة أصابت في هذا المثال الحكم الشرعي فإن في غيره لا تصيب وتكلمنا عن ذلك في روايات الائمة عليهم السلام التي ذكرناها آنفا . وقالوا بأن أدراك علل الاحكام وما هو أولى من غيره لا تصيبه العقول بواسطة المقايسس الفاسدة والأراء المضطربة  ثم ما الحاجة إلى هذا المثال أتريدون أن تقولوا إن هذه القاعدة تصيب دائما هيهات هيهات .أن الله لا يسأل كيف حلل وكيف حرم كما قال الأئمة عليهم السلام . 

على كل حال نحن لا نحتاج للقياس ولا داعي للتبحج بأنكم عرفتم الحكم من هذا القياس  فقد بين أهل البيت عليهم السلام حكم التعامل مع الوالدين بتفسيرهم للآية (عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : (أدنى العقوق أف ، ولو علم الله عز وجل شيئا أهون منه لنهى عنه)الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 348 . فلماذا فسرتم الآية بآرئكم و تفسير القران بالرأي والعقل منهي عنه بل محضور أستعماله في مدرسة آل محمد (عليهم السلام) وكيف جاز لكم وضع القواعد بما ترى عقولهم القاصرة أما قرأتم ماجاء عن الريان ابن الصلت ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قال الله جل جلاله : ( ما آمن بي من فسر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني ) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 27 - ص 45 كما أن السياق اللغوي واضح فلماذا تفسرون الآية بأنها قاعدة أصولية وتجعلوها قياسا لكل مسألة فقية تأتيكم لكي يذهب بكم الشيطان إلى كل مذهب وأنتم لا تعلمون يا أصحاب الأصول العقلية 

الخلاصة :


نهى الأئمة عليهم السلام عن جميع القياسات ولم يثتني منها شئ كما وضحنا ذلك آنفا رغم  ذلك اجمع جمهور الأصوليين على حجية قياس الأولوية و قياس منصوص العلة وقياس تنقيح المناط ، وكذلك القياس المنطقي أو مايعرف بالاستقراء وضربوا بكلام الأئمة عليهم السلام عرض الحائط وسوف ناتي على جميع أنواع المقاييس التي اقروها ونتكلم عنها كما تكلمنا اليوم عن قياس الاولوية .



.




تعليقات