القائمة الرئيسية

الصفحات

مجتهدي الحوزة والتشريع العقلي


وظيفة العقل هي الألتزام بما قاله القرآن الكريم والنبي وآله الطاهرين فقط  بمعنى عقل النفس عما يخالف الشريعة الاسلامية الحقيقية وليس تشريع الاحكام كما يفعل فقهاء الحوزة الاصوليين ثم بعد ذلك يقولون أنها أحكام شرعية اعتمادا على القاعدة التي تقول ما حكم به العقل حكم به الشرع . أو ملازمة العقل للشرع فكأن هذا العقل معصوم من الخطأ لا تخفى عليه خافيه محيط بكل شئ .

اعتبار العقل مصدرا للتشريع  :


 الشيخ جعفر السبحاني أحد فقهاء الحوزة المحققين يعددا مصادر التشريع: ويعتبر العقل المصدر الرابع قائلا : العقل المراد منه  الإدراكات القطعية العقلية التي لا يتردد فيها و لا يشك في صحتها ، كيف و العقل هو الحجة الباطنية التي يحتجّ بها المولى سبحانه على العباد ، ثم بحكم العقل الذي له صلاحية الحكم و القضاء يُستكشف حكم الشرع ، للملازمة بين حكم العقل و الشرع و استحالة التفكيك بينهما ، فمثلاً إذا استقلّ العقل بقبح العقاب بلا بيان فيفتي المجتهد في الموارد التي لم يرد فيها دليل شرعي على الحكم الشرعي ، بالبراءة أو الحلّية . ) تذكرة الاعيان ص226-227

وعلى هذا فمصادر التشريع عند فقهاء الحوزة الاصوليين أربعة وهي  القرآن الكريم والعترة الطاهرة والاجماع والعقل وهذا بخلاف ما نص عليه النبي الكريم صلى الله عليه وآله عندما قال : إنّي تاركٌ فيكم الثقلين ما إن تَمَسَّكم بهما لن تضلّوا بعدي : كتابَ اللَّه وعترتي أهلَ بيتي، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوضَ ) فهذان هما مصدرا التشريع فقط التي نص عليهما الرسول صلى الله عليه وآله فكيف جاءوا بالاجماع والعقل وجعلوهما من مصادر التشريع ؟

إن السبب في أضافة العقل وجعله مصدرا من مصادر التشريع هو إعطاء الحرية الكاملة للمجتهد حتى يعبث بالدين بحجة أن الشريعة ناقصة ولم تكتمل بعد لذلك فإن وظيفة الفقيه المجتهد تكميل الشريعة الاسلامية بعقله عن طريق تصدير الاحكام الشرعية الجديدة بواسطة قواعد الأصول العقلية التي يبني عليها أراءه في مسألة ما ثم تصدر هذه الأراء كأحكام شرعية  للناس لكي يتعبدوا بها . على أساس قاعدة ما حكم به العقل حكم به الشرع .فهم أخضعوا الشريعة لعقولهم فيا للعجب كيف جاز لهم ذلك .

ولكن إدعاء أن الشريعة ناقصة وتحتاج لمن يكملها من العقول الخاصة بالمجتهدين هو إدعاء باطل بدليل قوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا ) المائدة وكذلك قوله تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شئ ) ومن الروايات والاحاديث عن يونس، عن حماد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:( سمعته يقول: ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة)

عن ثعلبة بن ميمون، عمن حدثه، عن المعلى بن خنيس قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عزوجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال.) الكافي ج1 ص60

عن أبان، عن سليمان بن هارون قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حد كحد الدار، فما كان من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدار حتى أرش الخدش فما سواه، والجلدة ونصف الجلدة.) الكافي ج1 ص59

عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن مرازم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شئ حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل في القرآن؟ إلا وقد أنزله الله فيه.) الكافي ج1 ص59

عن سيف بن عميرة، عن أبي المغرا، عن سماعة، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: أكل شئ في كتاب الله وسنة نبيه صلى اليه عليه وآله؟ أو تقولون فيه؟ قال: بل كل شئ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله.) الكافي ج1 ص62

كل هذه الادلة تبين بشكل واضح ان الشريعة كاملة ولكن لا تستطيع عقول الرجال الوصول للحكم الحقيقي لذلك لجأ فقهاء الاصول العقلية إلى تشريع  احكاما  ليست من الكتاب والسنة أعتمادا على عقولهم مع أن كل شئ موجود فيهما ولكن كما قال الامام الصادق لا تبلغوه عقول الرجال لذلك أدعوا أن الكتاب والسنة لا تغطي كل شئ لذلك شرعوا بعقولهم الناقصة .

قال الامام الصادق عليه السلام (إن دين الله عز وجل لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقاييس الفاسدة ولا يصاب إلا بالتسليم ,فمن سلم لنا سلم ومن أقتدي بنا هُدي , ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك ,ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجا فقد كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم) اكمال الدين ص324

ما هي وظيفة العقل :


عن إسحاق بن عمار قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة. ) الكافي ج1 ص11 ولكن كيف يكون الانسان عاقلا حتى يكون له دين ويدخل الجنة كما قال الامام عليه السلام 

 الجواب عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال: فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولو الالباب )ىالكافي ج1 ص13 . فوظيفة العقل إذا هي عقل النفس بحبل الله تعالى وسوله الامين وأهل بيته الطيبين الطاهرين وليست وظيفته تشريع الاحكام كما يفعل المجتهدين وهناك من الأدلة ما يدل على ذلك أيضا ومنها

عن الحسن ابن الجهم، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ذكر عنده أصحابنا وذكر العقل قال: فقال عليه السلام: لا يعبأ بأهل الدين ممن لا عقل له، قلت: جعلت فداك إن ممن يصف هذا الامر قوما لا بأس بهم عندنا وليست لهم تلك العقول فقال: ليس هؤلاء ممن خاطب الله إن الله خلق العقل فقال له: اقبل فاقبل وقال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت شيئا أحسن منك أو احب إلي منك، بك آخذ وبك اعطي ) الكافي ج28

وهذا يدل ان وظيفة العقل الالتزام بما أمر به الله تعالى والدليل عندما خاطب العقل أقبل فأقبل وأجتناب نواهيه عندما خاطبه أدبر فأدبر وهذا يعني عقل الانسان نفسه لله ورسوله والاوصياء بعده لا ان يجعل له وظيفة اخرى ينازع فيها رب العالمين وهي تشريع الاحكام الدينية وهي من حق الله تعالى  حينما قال ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) وفي رواية عن أبي يعقوب إسحاق بن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله خص عباده بآيتين من كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا وقال عزوجل: " ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق " وقال:: " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله) الكافي ج1 ص43 


فكيف سيقولون على الله الحق إذا قاموا بتشريع الاحكام من عقولهم فهم فعلوا ذلك لأنهم في الحقيقة لايعلمون فأنفوا أن يقولوا لا نعلم فأستخدموا عقولهم فيما لم يعلموا ولم يسلموا ذلك لله تعالى فوقعوا في المحظور كما وقع أبليس اللعين حينما استخدم عقله في التشريع لنفسه ولم يسلم ذلك لله تعالى فكان من الهالكين .

استحالة اصابة الحكم الواقعي :


فقهاء الحوزة يقولون كل ما حكم به العقل حكمت به الشريعة فهي توافق العقل دائما ولا تخالفة اعتمادا على ما يقبحه العقل ويستحسنه ولكن هذه القاعدة غير صحيحة مائة بمئة فإن الله تعالى يقول ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) وقال تعالى أيضا ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)

وبهذا بطلت قاعدة الحكم على اساس القبح والحسن ولم تعد صحيحة مئة بالمئة وعند أستخدامها يكثر الكذب على الله سبحانه وتعالى سواءا كان المجتهد  يعلم أو لا يعلم ولكنه وضع نفسه في ورطة رغم علمه بالنهي عن ذلك 

عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها؟ فقال: لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل.) الكافي ج1 ص56

الخلاصة :


 عتبار العقل من مصادر التشريع بدعة في الدين لم ترد عن التبي صلى الله عليه وآله ولا عن الأئمة الطاهرين وهي وسيلة من الوسائل التي أستخدمها أبليس لكي يضلل بها الناس عن طريق الفقهاء أهل الاجتهاد من الشيعة والمخالفين لذلك وجب الحذر منها على دينكم  .



تعليقات