القائمة الرئيسية

الصفحات

أول من وضع العقل مصدرا للتشريع


نحن تكلمنا في موضوع سابق عن العقل الذي جعلته المدرسة الاصولية مصدرا من مصادر التشريع الاربعة عندهم ولكن لم نتطرق إلى أول من أدخل العقل وجعله مصدرا تشريعا مستقلا بذاته في ساحة التشيع  وهو أبن أدريس الحلي الذي قال في معرض كلامه ( فإن الحق لا يعدوا في أربع طرق إما هي من الله سبحانه او سنة رسوله المتواترة المتفق عليها أو أجماع فإذا فقدت الثلاثة فالمعتمد في المسألة الشرعية عند المحققين الباحثين عن مآخذ الشريعة التمسك بدليل العقل فيها فانها مبقاة عليه وموكولة إليه فمن هذه الطرق نتوصل إلى العلم بجميع الاحكام الشرعية في جميع مسائل أهل الفقه فيجب الاعتماد عليها واتمسك بها فمن تنكر عنها عسف وخبط خبط عشواء وفارق قوله المذهب .) السرائر ج1 ص46


وبذلك اصبحت مصادر التشريع أربعة وهي القرآن والسنة والاجماع والعقل أثنان من الله تعالى وأثنان من الناس وهم الفقهاء أهل الاجتهاد الذين أبدعوا في الدين البدع وخالفوا وصايا أئمة الهدى عليهم السلام بعدم الأخذ من المخالفين ، قال الامام علي عليه السلام في وصية لكميل بن زياد من كتاب وسائل الشيعة ج27 ص30 ( يا كميل ! هي نبوة و رسالة وامامة وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو مبتدعين أنما يتقبل الله من المتقين يا كميل ! لا تأخذ إلا عنا تكن منا ) ولكن الفقهاء الاصوليين أخذوا الاجماع والعقل من فقهاء المخالفين لأهل البيت عليهم السلام .

وذلك القول الذي قاله أبن أدريس الحلي الذي ولد عام 543 هـ  قاله الغزالي وهو من كبار فقهاء المخالفين والمتوفى عام505 هـ قبل ولادة بن أدريس الحلي بثمان وثلاثين سنة ويبدو ان الحلي أطلع عليه وسرقه من كتابه .  ويذكر الرازي قول الغزالي في كتابه الاصول المسمى بالمحصول حيث قال ( قال الغزالي رحمه الله مدارك الاحكام أربعة الكتاب والسنة والاجماع والعقل فلا بد من العلم بهذه الأربعة ) المحصول للرازي ج6 ص 23 

إن جعل العقل مصدرا للتشريع منهي عنه عند الأئمة عليهم السلام قال الامام علي بن الحسين عليه السلام ( إن دين الله عز وجل  لايصاب بالعقول الناقصة والأراء الباطلة والمقاييس الفاسدة ولا يصاب إلا بالتسليم فمن سلم لنا سلم ومن أقتدى بنا هدي ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك ومن وجد في نفسه شئ مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم هو لا يعلم ) كمال الدين وتمام النعمة للصدوق ص324

وبهذا فإن عقول الفقهاء المجتهدين ناقصة لا تستطيع الاحاطة بكل شئ فلا يجوز لها تشريع الاحكام كما قال الأئمة الكرام عليهم السلام وهذه الطريقة ماخوذة من المخالفين وقد حذر الأئمة عليهم السلام من أستخدام طرائق المخالفين . قال الامام الصادق عليه السلام ( كذب من زعم انه من شيعتنا وهو متمسك بعروة غيرنا ) وسائل الشيعة ج27 ص30  أي طريقة غيرنا .

والدليل على أن عقول الفقهاء المجتهدين ناقصة قول الأئمة عليهم السلام ان كل شئ موجود في الكتاب والسنة ولكن لا تدركه عقول الرجال ورد هذا في قول أبوعبدالله (عليه السلام): ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عزوجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال. ) الكافي ج1 ص60

 وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: يقول: إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الامة إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله (صلى الله عليه وآله)  وجعل لكل شئ حدا وجعل عليه دليلا يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا. ) الكافي ج1 ص59

كما أن الأئمة عليهم السلام يقولون كل شئ موجود في الكتاب والسنة ولا نقول برأينا فما الحاجة لعقول الرجال لكي تشرع الاحكام وفق أهوائها فقد ورد عن سماعة عن ابي الحسن موسى عليه السلام قال : قلت له :أكل شئ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وأله أو تقولون فيه ؟ قال بل كل شئ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ) الكافي ج1 ص48

إذا فكل شئ موجود في كتاب الله وسنة رسوله ولكن لا تصل إليه العقول القاصرة . والسبب عجزهم وقلة علمهم بالقرآن والسنة فراحوا يشرعون بالعقل وهو في الواقع رأي المجتهد لأن العقول متفاوته ليست على وتيرة واحدة من شخص إلى آخر بل حتى نفس المجتهد من وقت إلى آخر ومن حالة إلى حالة ترى التخبط والعشواء والتناقض في احكامه وبهذه الطريقة أدخلوا الناس في دوامة ومتاهة لا نهاية لها وذلك لأنهم تركوا تحذيرات الأئمة عليهم السلام بعدم الأخذ من طرائق المخالفين 

روى الحسين بن خالد ، عن الرضا ( عليه السلام ) ، قال : شيعتنا المسلّمون لأمرنا ، الاخذون بقولنا ، المخالفون لأعدائنا ، فمن لم يكن كذلك فليس منا ) وسائل الشيعة ج 27- ص117 . وكلام أهل البيت واضح فمن أتبع فقهاء العامة و أخذ بقولهم فليس من شيعتهم والله الهادي إلى سواء السبيل .

تعليقات