قصة موسى وفرعون مذكورة في القرآن الكريم في عدة سور ولكننا اليوم سنتعرف على هذه القصة بالتفصيل على لسان الامام الصادق عليه السلام وهذه القصة مذكورة في رواية من كتاب البرهان في تفسير القران للسيد هاشم البحراني تفسير سورة الشعراء من آية 10 إلى 63 قال تعالى :( وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ- إلى قوله تعالى- فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ 10- 63 )
عن علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لما بعث الله موسى (عليه السلام) إلى فرعون أتى بابه ، فاستأذن عليه ، فلم يأذن له ، فضرب بعصاه الباب ، فاصطكت الأبواب ففتحت ، ثم دخل على فرعون ، فأخبره أنه رسول الله ، وسأله أن يرسل معه بني إسرائيل. فقال له فرعون ، كما حكى الله: )أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ( أي قتلت الرجل )وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ( يعني كفرت نعمتي. قال موسى ، كما حكى الله: )فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) إلى قوله تعالى: (أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) فـ(قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ(؟ وإنما سأله عن كيفية الله ، فقال موسى: )رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ( ، فقال فرعون- متعجبا- لأصحابه: )أَلا تَسْتَمِعُونَ( أسأله عن الكيفية ، فيجيبني عن الصفات؟! فقال موسى: )رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ( قال فرعون لأصحابه: اسمعوا ، قال: ربكم ورب آبائكم الأولين!
ثم قال لموسى: )لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ( قال موسى: )أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ(. قال فرعون:) أْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ( فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب ، ودخل فرعون من الرعب ما لم يملك به نفسه فقال فرعون: نشدتك بالله ، وبالرضاع ، إلا ما كففتها عني ، فكفها ، ثم نزع يده ، فإذا هي بيضاء للناظرين ، فلما أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه ، وهم بتصديقه ، فقام إليه هامان ، فقال له: بينما أنت إله تعبد ، إذ صرت تابعا لعبد! ثم قال فرعون للملأ الذين حوله: )إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ) إلى قوله: (لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ(. وكان فرعون وهامان قد تعلما السحر ، وإنما غلبا الناس بالسحر ، وادعى فرعون الربوبية بالسحر ، فلما أصبح بعث في المدائن حاشرين ، مدائن مصر كلها ، وجمعوا ألف ساحر ، واختاروا من الألف مائة ، ومن المائة ثمانين ، فقال السحرة لفرعون: قد علمت أنه ليس في الدنيا أسحر منا ، فإن غلبنا موسى فما يكون لنا عندك؟ قال: )إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ( عندي ، أشارككم في ملكي. قالوا: فإن غلبنا موسى ، وأبطل سحرنا ، علمنا أن ما جاء به ليس من قبل السحر ، ولا من قبل الحيلة ، وآمنا به ، وصدقناه. فقال فرعون: إن غلبكم موسى ، صدقته أنا أيضا معكم ، ولكن أجمعوا كيدكم ، أي حيلتكم».
قال: «وكان موعدهم يوم عيد لهم ، فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم ، جمع فرعون الخلق ، والسحرة ، وكانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا ، وقد كانت كسيت بالحديد والفولاذ المصقول ، فكانت إذا وقعت الشمس عليها ، لم يقدر أحد أن ينظر إليها ، من لمع الحديد ، ووهج الشمس ، وجاء فرعون وهامان ، وقعدا عليها ينظران ، وأقبل موسى ينظر إلى السماء ، فقالت السحرة لفرعون: إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء ، ولن يبلغ سحرنا إلى السماء ، وضمنت السحرة من في الأرض. فقالوا لموسى: )إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ( قال لهم موسى: )أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ( فأقبلت تضطرب ، وصالت مثل الحيات ، وهاجت ، فقالوا:)بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ(. فهال الناس ذلك ، فأوجس في نفسه خيفة موسى ، فنودي: )لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى).
فألقى موسى عصاه ، فذابت في الأرض مثل الرصاص ، ثم طلع رأسها ، وفتحت فاها ، ووضعت شدقها الأعلى على رأس قبة فرعون ، ثم دارت ، وأرخت شفتها السفلى ، والتقمت عصي السحرة ، وحبالها ، وغلب كلهم ، وانهزم الناس حين رأوها ، وعظمها ، وهولها ، مما لم تر العين ، ولا وصف الواصفون مثله قبل ، فقتل في الهزيمة ، من وطء الناس بعضهم بعضا ، عشرة آلاف رجل وامرأة وصبي ، ودارت على قبة فرعون- قال- فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما ، وشاب رأسهما ، وغشي عليهما من الفزع.
ومر موسى في الهزيمة مع الناس ، فناداه الله: )خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى(، فرجع موسى ، ولف على يده عباءة كانت عليه ، ثم أدخل يده في فيها ، فإذا هي عصا كما كانت ، فكان كما قال الله )فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ( لما رأوا ذلك ، )وقالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ( ، فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا ، وقال: )آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ) يعني موسى (الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ( فقالوا ، كما حكى الله: )لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ)
.
فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن ، حتى أنزل الله عليهم الطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، فأطلق فرعون عنهم فأوحى الله إلى موسى: )أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ( ، فخرج موسى ببني إسرائيل ، ليقطع بهم البحر ، وجمع فرعون أصحابه ، وبعث في المدائن حاشرين ، وحشر الناس ، وقدم مقدمته في ست مائة ألف ، وركب هو في ألف ألف ، وخرج كما حكى الله عز وجل: )فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ( ، فلما قرب موسى من البحر ، وقرب فرعون من موسى ، قال أصحاب موسى: )إِنَّا لَمُدْرَكُونَ( ، قال موسى: )كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ( أي سينجيني: فدنا موسى (عليه السلام) من البحر ، فقال له: انفلق ، فقال البحر له: استكبرت- يا موسى- أن تقول لي أنفلق لك ، ولم أعص الله طرفة عين ، وقد كان فيكم المعاصي؟ فقال له موسى: فأحذر أن تعصي الله وقد علمت أن آدم اخرج من الجنة بمعصيته ، وإنما إبليس لعن بمعصيته ، فقال البحر: ربي عظيم ، مطاع أمره ، ولا ينبغي لشيء أن يعصيه.
فقام يوشع بن نون ، فقال لموسى: يا رسول الله ، ما أمرك ربك؟ قال: بعبور البحر. فاقتحم يوشع فرسه في الماء ، فأوحى الله إلى موسى: )أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) ، فضربه (فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ( ، أي كالجبل العظيم ، فضرب له في البحر اثني عشر طريقا ، فأخذ كل سبط منهم في طريق ، فكان الماء قد ارتفع ، وبقيت الأرض يابسة ، طلعت فيها الشمس ، فيبست ، كما حكى الله: )فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى .
ودخل موسى وأصحابه البحر ، وكان أصحابه اثني عشر سبطا ، فضرب الله لهم في البحر اثنى عشر طريقا ، فأخذ كل سبط في طريق ، وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال ، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى (عليه السلام) في طريقه ، فقالوا: يا موسى أين إخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر. فلم يصدقوه ، فأمر الله البحر ، فصارت طاقات ، حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض ، ويتحدثون.
وأقبل فرعون وجنوده ، فلما انتهى إلى البحر ، قال لأصحابه: ألا تعلمون أني ربكم الأعلى؟ قد فرج لي البحر. فلم يجسر أحد أن يدخل البحر ، وامتنعت الخيل منه لهول الماء ، فتقدم فرعون ، حتى جاء إلى ساحل البحر ، فقال له منجمه: لا تدخل البحر. وعارضه فلم يقبل منه ، وأقبل على فرس حصان ، فامتنع الحصان أن يدخل الماء ، فعطف عليه جبرئيل ، وهو على ماديانة ، فتقدمه ودخل ، فنظر الفرس إلى الرمكة فطلبها ، ودخل البحر ، واقتحم أصحابه خلفه. فلما دخلوا كلهم ، حتى كان آخر من دخل من أصحابه ، وآخر من خرج من أصحاب موسى ، أمر الله الرياح ، فضربت البحر بعضه ببعض ، فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال ، فقال فرعون عند ذلك: )آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ( فأخذ جبرئيل كفا من حمأ ، فدسها في فيه ، ثم قال: )آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ .
نلاحظ أن فرعون في هذه القصة كاد أن يصدق موسى أو قد صدقه ولكن أخذته العزة بالاثم وتكبر على موسى عليه السلام فلم يقبل منه الاسلام استصغارا وحتقارا له خاصة انه كان في يوم من الايام عبدا عندهم ، أضافة إلى ان فرعون يرى نفسه إلاها ، والامر الآخر في هذه القصة أن هامان أشد كفرا من فرعون كما يبدو لانه كان يوسوس لفرعون ويحثه على الكفر سواءا كان فرعون شعر بذلك او لم يشعر وهذا واضح عندما هم فرعون بتصديق موسى قال له كيف تصدقه وأنت إله وهذا مجرد عبد ، ولكن وفي النهاية آمن فرعون بعد أن رأى الموت بعينه وأنه لا مناص من ذلك فقال آمنت بالذي آمنت به بنو أسرائيل ولكن الله لا يبقل الايمان في هذه الحالة لانه آمن مكرها وليس اختيارا وبعد أن رأى البأس .
تعليقات
إرسال تعليق