فقهاء الحوزة يردون السنة الصحيحة بالفتاوى المشهورة عندهم أي إذا تعارض الحديث الصحيح مع فتاويهم المشهورة يأخذون بالفتوى المشهورة ويتركون الحديث الصحيح الذي يخالف هذه الفتوى المشهورة بينهم كذلك بالنسبة للحديث الضعيف قد يعملون به إذا وافق هذه الشهرة وإن كان ضعيفا وضعه الوضاعون .أليس هذا تلاعب بالدين وكذب على الله عز وجل .
الشهرة العملية ترد الحديث الصحيح وتقبل الضعيف :
إن الخبر الصحيح عند الأصولية معروف الحجية إلا إنهم اسقطوا هذه الحجية بذريعة أمر غاية في الخطورة وهو إذا خالف الخبر الصحيح ما هو مشهور عندهم أي بمعنى اقرب إذا كان الفقهاء مجمعين على فتوى في مسألة ما وصلت إلى حد الشهرة وكانت هنالك رواية صحيحة السند عندهم تخالف هذه الفتوى المشهورة فبما يأخذون ؟ هل بفتوى الفقهاء المشهورة أم بالرواية الصحيحة التي جاءت عن إمام معصوم ؟
في الواقع لقد أسقط الفقهاء الأصوليون حجية الخبر الصحيح إذا خالف ما هو مشهور عندهم !! إلا أن السيد الخوئي اختار عدم السقوط بعد أن كان يوافق المشهور في سقوط الحجية عن الخبر الصحيح إذا كان يخالف الشهرة الفتوائية !! مصباح الاُصول – ج 2 - ص 203 .
في الحقيقة هنالك فرق بين الشهرة الفتوائية والشهرة العملية عند الفقهاء إذ الشهرة العملية هي الاستناد إلى العمل بالرواية عند الفقهاء وهذا الاستناد لا ينظر من خلاله إلى صحة الرواية أو ضعفها بل تكون الحجة فيه قول الفقهاء بإستثناء الصحة أو الضعف في الرواية المستند إليها في الفتوى فعن النائيني أنه قال : ﴿ وأما الشهرة العملية فهي عبارة عن اشتهار العمل بالرواية والاستناد إليها في مقام الفتوى وهذه الشهرة هي التي تكون جابرة لضعف الرواية وكاسرة لصحتها ﴾ فوائد الأصول - ج 3 - ص 53.
وقول النائيني عين ما تكلمنا عنه في المقدمة وهو ان الفتوى المشهورة متقدمة على السنة الصحيحة وهي قول المعصوم عليه السلام وهذا يعني قول الفقهاء مقدم على قول المعصوم بسبب الشهرة وإن كان كلامهم مخالف للسنة وهي التي جعلتهم يقبلون بالضعيف من الاحاديث أيضا حتى لو كان من الوضاعين حسب مبانيهم في قبول الاخبار .
الفتوى المشهورة ترد السنة الصحيحة :
أما الشهرة الفتوائية فهي شهرة لا تستند إلى رواية ولا يهم عندهم وجود الرواية من عدم الوجود حتى لو كانت هنالك رواية تخالف هذه الشهرة فهي ساقطة وإن كانت صحيحة ، فقد ورد في فوائد الأصول عن النائيني أنه قال : ﴿ وأما الشهرة الفتوائية : فهي عبارة عن مجرد أشتهار الفتوى في مسألة لا إستناد إلى رواية ، سواءً لم تكن في المسألة رواية ، أو كانت رواية على خلاف الفتوى ، أو على وفقها ولكن لم يكن عن استناد إليها ، وهذه الشهرة الفتوائية لا تكون جابرة لضعف الرواية ، ... ، ولكن تكون كاسرة لصحة الرواية ﴾ فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج 3 - ص 153 - 154.
وقد استدلوا على صحة الشهرة الفتوائية بقوله ﴿عليه السلام﴾ في رواية أبن حنظلة : ﴿ ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكماً به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه ﴾ الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 68
نقول : إن صدر هذه الرواية يتحدث عن ترجيح أختلاف الروايات عن الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ فإن من قواعد الترجيح بين الأخبار الأخذ بالمشهور من الأخبار وترك الشاذ النادر منها أما الشهرة الفتوائية فهي لا تستند إلى الروايات من الأساس كما يقول النائيني بل هي عبارة عن أشتهار فتوى عند الفقهاء وليس أشتهار خبر أو حديث حتى نطبق عليه قاعدة الشهرة فهذا تناقض عجيب وتلاعب بالدين وخديعة أو تلبيس على الناس لأن الامام يتكلم عن أحاديثهم وليس عن فتاوي الفقهاء وأرائهم .
حكم رد السنة على لسان المعصومين :
إن من مهازل الدهر هو أسقاط كلام المعصوم وهم يعترفون بصحته سنداً وفق قواعدهم الرجالية وإعلاء الشهرة الفتوائية عليه والتي صدرت من أناس فاقدين للعصمة وقولهم لا يقارن أبداً بقول المعصوم فقد جعلوا أراء الفقهاء حجة ومقدمة على كلام المعصوم فيا للعجب من هذه الجرئة
قال الامام علي عليه السلام :( من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال ومن أخذ دينه من الكتاب والسنة زالت الجبال ولم يزل ) المحاسن ج1 ص214
وعن محمد بن أبي عبدالله رفعه، عن يونس بن عبدالرحمن، قال: قلت لابي الحسن الاول عليه السلام: بما أوحد الله؟ فقال: يا يونس لا تكونن مبتدعا، من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله ضل، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر) الكافي ج1 ص
عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ) الكافي ج1 ص69
عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: من خالف كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وآله فقد كفر ) الكافي ج1 ص70
عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي إسماعيل إبراهيم بن إسحاق الازدي، عن أبي عثمان العبدي، عن جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة.) الكافي ج1 ص70
الخلاصة :
وبهذا يتبين إن الشهرة الفتوائية بدعة في الدين عمل بها جمهور الاصوليين وهي ضلال و كفر لأنها تخالف السنة حسب الروايات التي ذكرناها في الموضوع فعلى الناس الحذر من إتباع هذه البدع المضلة التي يألفها رجال الدين الفقهاء أهل الاجتهاد . عن محمد بن جمهور رفعه قال: من أتى ذا بدعة فعظمه فإنما يسعى في هدم الاسلام ) الكافي ج1 ص54
تعليقات
إرسال تعليق