القائمة الرئيسية

الصفحات




قال رسول الله صلى الله عليه وآله أحاديث كثيرة في فضل علي عليه السلام و منها حديث المنزلة الذي قال بصحته جميع المسلمين منهم البخاري في كتابه صحيح البخاري و صحيح مسلم و هما من أصح الكتب عند أهل السنة والجماعة لذلك فالجحود به يعتبر عنادا واستكبارا على الحق . وهذا نص الحديث في صحيح البخاري : ، عن الحكم ، عن مصعب – مصعب بن سعد بن أبي وقاص – عن أبيه : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خرج إلى تبوك فاستخلف عليا فقال : أتكلفني بالصبيان والنساء ؟ قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي . )

وفي صحيح مسلم ورد عن سعيد بن المسيب ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي . قال سعيد : فأحببت أن أشافه بها سعدا ، فلقيت سعدا فحدثته بما حدثني به عامر فقال : أنا سمعته ، قلت : أنت سمعته ؟ قال : فوضع إصبعيه على أذنيه فقال : نعم ، وإلا أستكتا .

أجماع المسلمين على صحة هذا الحديث :

صحة سند الحديث لا ريب فيه ابدا فقد صرح الذهبي إمام أهل السنة بصحته رغم تعنته في كتابه تلخيص المستدرك  وكذا بن حجر الهيثمي في صواعقه في شبهة ١٢ نقل القول بصحته عن أئمة الحديث الذين لا معول فيه إلا عليهم فراجع كتابه ص ٤٧ ط المحمدية بمصر . ولولا أن الحديث بمثابة الثبوت ، ما أخرجه البخاري فإن الرجل يغتصب نفسه اغتصابا عند سرد فضائل علي و أهل البيت عليهم السلام .

حتى معاوية المعروف بعدائه لعلي عليه السلام لم يجحد حديث المنزلة و ذلك عندما طلب من سعد بن أبي وقاص سب علي فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله، فلن اسبه ، لأن تكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي ... الحديث . فأبلس معاوية ، وكف عن تكليف سعد .

بل أن معاوية نفسه روى هذا الحديث وهو زعيم الفئة الباغية فقد قال بن حجر في كتابه الصواعق المحرقة باب 11 ص 107 ما أخرجه أحمد قال أن رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال سل عنها عليا فهو أعلم ، قال : جوابك فيها أحب إلي من جواب علي قال : بئس ما قلت ! لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغره بالعلم غرا ، و لقد قال له أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .


فحديث المنزلة لا يب فيه بأجماع المسلمين سنة و شيعة ويوجد في عدة مصادر عند أهل السنة والجماعة منها .

١- في صحيح البخاري ص ٥٨ من جزئه الثالث
٢- في صحيح مسلم ص ٣٢٣ من جزئه الثاني
٣- سنن بن ماجه ص ٢٨ الجزء الأول
٤- مسند احمد ص ١٧٣ و ١٧٥ و١٧٧ و١٧٩ و١٨٢ و ١٨٥ الجرء الأول . وغيرها من المصادر ويكفي وجودها فيما ذكرنا لأثبات إجماع المسلمين جميعا على صحة هذا الحديث .

أوجه الشبه بين علي وهارون و بني أسرائيل و أمة النبي :


يبين حديث المنزلة أن الامام علي بن أبي طالب بالنسبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو بمنزلة هارون من النبي موسى  في ما يلي :


١- أن هارون كان وزبرا لموسى وكذلك الامام علي وزيرا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى ( واجعل لي و زيرا من أهلي هارون أخي ) و روى النسائي في صحيحه يقول : إن رجلا قال لعلي : يا أمير المؤمنين بم ورثت أبن عمك ؟ أي بأي دليل أصبحت أنت وارثا لرسول الله و لم يكن العباس وارثا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فذكر الامام علي عليه السلام حديث الدار عن رسول الله قال : أنت أخي و وارثي و وزيري .


٢- أن الامام علي معاون للنبي في تبليغ الدين إلا أنه ليس نبي و إنما خليفة و وزير قال تعالى ( واشركه في أمري ) ولعل الذي يدل على ذلك هذا الحديث وفيه حدثنا محمد بن جابر، عن سماك، عن حنش، عن عليٍّ قال: لما نزلت عشرُ آيات من براءة على النبي ﷺ دعا النبي ﷺ أبا بكر، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكّة، ثم دعاني فقال: أدرك أبا بكر، فحيثما لحقته فخذ الكتابَ منه، فاذهب إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجُحفة، فأخذتُ الكتابَ منه، ورجع أبو بكر إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، نزل فيَّ شيء؟ فقال: لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لن يُؤدّي عنك إلا أنت أو رجلٌ منك .) وهذا ما أشار إليه الحدبث أنت مني بمنزلة هارون من موسى ..


٣- إن الامام علي أخو رسول الله كما كان هارون أخو النبي موسى . وقد آخى الرسول بينه و بين علي في عدة مناسبات و قال فيه :(  أنت أخي في الدنيا والآخرة ) أخرجه الترمذي ج4 ص 328  والحاكم ج3 ص14 فهو بن عمه وصهره وأخوه


٤- أن الامام علي معصوم من الخطأ و الضلال مثلما كان هارون تماما فلو أن بني أسرائيل أضاعوا هارون ما ضلوا ولو أن أمة رسول الله أضاعوا عليا ما ضلوا أيضا .لقول رسول الله ( علي مع القران والقران مع علي ) ( وعلي مع الحق والحق مع علي ) وقل الله تعالى ( أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) نزلت في النبي وعلي والزهراء والحسن والحسين فهم  مطهرون من الرجس لذلك معصومون من الضلال والخطأ


٥ - أن الأمام علي خليفة رسول الله عند انتقاله الى ربه مباشرة لأن النبي موسى جعل أخاه خليفة على قومه عند ذاهبه إلى ميقات ربه . قال تعالى ( وقال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي و أصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ) و عن عبد الله بن عباس قال قال رسول الله في علي ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا إنك لست نبيا و أنه لا ينبغي أن أذهب إلا و أنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي ) أخرجه أبن أبي عاصم في السنة (1188) والنسائي في ( الكبري ) (8355 ) وهو حسن كما قال الالباني


٦- أن هذه الأمة استضعفت الامام علي بن أبي طالب و كادوا أن يقتلوه لعدم وجود ناصرا ينصره في حقه الذي جعله الله و رسوله له يوم غدير خم وغيرها من المناسبات. كذلك النبي هارون لم يجد ناصرا ينصره بعد ذاهب موسى الى ميقات ربه عندما ضل قومه واتخذوا العجل . قال تعالى ( يا ابن أم أن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي العداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين )


٧- إن هذه الأمة انحرفت بعدة رسول الله لأنهم لم يطيعوا الامام علي عليه السلام الذي جعله الرسول خليفة عليهم في عدة مناسبات وخاصة يوم غدير خم . إلا أنهم نكثوا البيعة بعد وفاة النبي و ولوا أمرهم غيره فتاهوا في الأرض إلى مشاء الله . مثلما فعل بني أسرائيل عندما ذهب موسى إلى ميقات ربه أنقلبوا على أعقابهم  ولم يطيعوا  هارون الذي خلفه النبي موسى عليهم و ولوا أمرهم السامري الذي أضاعوه وعبدوا العجل .


٨ - إن لهذه الأمة سامري وعجل مجازيان يضلان الأمة كما كان لبني أسرائيل سامري وعجل حقيقيان أضلوهم عن سواء السبيل .


٩- إن أمة النبي تاهت في الدين بسبب عصيانهم للنبي في تولية الخلافة للامام الشرعي علي بن أبي طالب و أصياءه من بعده  كما تاه بنوا اسرائيل في الأرض عندما عصوا النبي موسى عليه السلام


الخاتمة :


وبذا بينا في هذا المقال حديث المنزلة وإجماع المسلمين على صحته وبينا  كذلك ما أشار إليه النبي من أوجه التشابه بين الامام علي والنبي هارون في المقام أو المنزلة وكذلك في ما سيحدث له  عند أستخلافه على أمته من بعده كما فعلت بنو أسرائيل في موسى وهارون تماما مما أدى إلى ضلالهم فيما بعد والله الهادى إلى سواء السبيل . 



تعليقات