القائمة الرئيسية

الصفحات

إباحة الخمس للشيعة زمن الغيبة


إن أهل البيت عليهم السلام حللوا الخمس للشيعة رغم أنهم أخذوا الخمس في بعض الاحيان من الاغنياء ولكنهم في الغالب والأعم حللوا الخمس للشيعة ، لأن الخمس هو للإمام عليه السلام إن شاء أحله وإن شاء أخذه حسب ما أتاه الله سبحانه وتعالى من العلم فالامام علي عليه السلام أول أمام من الأئمة الأثنى عشر حلل الخمس للشيعة ولم يكن يأخذ خمسا في عهده من أحد حتى الشيعة ففي رواية عنه عليه السلام تقول قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن فلانا وفلانا وفلانا غصبونا حقنا ، واشتروا به الإماء وتزوجوا به النساء ، ألا وإنا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حل لتطيب مواليدهم». تفسير القمّي 2: 254. 

ومن ذلك أيضا عن زراة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إن أمير المؤمنين عليه السلام حللهم من الخمس يعني الشيعة ليطيب مولدهم ) وسائل الشيعة ج9 ص550

وبين الامام علي عليه السلام و ابنه الامام المهدي عليه السلام هناك من الأئمة من حلل الخمس للشيعة ومنهم الامام الباقر وابنه جعفر الصادق عليهما السلام ورد ذلك في رواية عنه تقول عن حكيم مؤذن بني عيس عن أبي عبد الله عليه السلام : قال قلت له واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول قال هي والله الأفادة يوم بيوم إلا أن أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا ) وسائل الشيعة ج9- ص546

أما الامام المهدي عليه السلام فقد أحل الخمس للشيعة ورد ذلك في توقيعه عن طريق السفير (محمد بن عثمان العمري رحمه الله) وأمّا الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث) (كمال الدين) للصدوق. والاحتجاج للشيخ الطبرسي، الجزء 12، الصفحة 283 . 

وبهذا فالامام المهدي عليه السلام أسدل الستار على قضية الخمس قبل الغيبة وقال فيها قوله الفصل وهو التحليل للشيعة إلى أن يظهر أمره عليه السلام لعلمه بأن الفقهاء وغيرهم فيما بعد سوف يستولون على أمواله ولا يحكمون فيها بالعدل لذلك قطع دابرهم بهذا التوقيع ولكن الشيطان أستولى عليها عن طريق الفقهاء المتأخرين أصحاب الاجتهاد والتقليد ، فكلما بعد الزمان عن الأئمة عليهم السلام أزداوا بعدا عنهم ، فاظهروا بدعا جديدة أعظم من بدع الأولين ومنها بدعة توجيب الخمس على الناس وأخذه منهم بلا دليل محكم وقطعي سوى أجتهادات ظنية وأراء شخصية 

وقد قال أئمتنا عليهم السلام بالأخذ بما قاله الامام الحي أو بالقول الأخير من أقوالهم والامام المهدي عليه السلام هو آخر إمام من الاثنى عشر وقد أباح الخمس للشيعة وكان كلامه هو الأخير في ذلك والذي يدل على الأخذ بقول الإمام الحي والأخير رواية وردت عن المعلى بن خنيس ، قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم ، بأيهما نأخذ ؟ فقال : خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ، فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله ، قال : ثم قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : إنا ـ والله ـ لا ندخلكم إلا فيما يسعكم ) وسائل الشيعة ص109 باب الجمع بين الاحاديث . والامام المهدي عليه السلام هو الامام الحي الآن لذلك علينا أن نأخذ بقوله .

 وهناك رواية أخرى تقول عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ، ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه ، بأيهما كنت تأخذ ؟ قال : كنت آخذ بالأخير ، فقال لي : رحمك الله ) نفس المصدر السابق . وقول الامام المهدي عليه السلام هو الأخير ، وبهذا يعتبر الخمس مباح للشيعة زمن الغيبة حسب قوله عليه السلام لذلك كثير من الفقهاء الكبار الذين مضوا الى رحمة الله تعالى أفتوا باعفاء الشيعة من الخمس مستدلين على ذلك بالكثير من الروايات التي أباحة الخمس للشيعة لأن ذلك هو الأقوى والأشهر عندهم


فتاوى الفقهاء الاعلام في إعفاء الشيعة من دفع الخمس :

بناء على الروايات الكثير التي تقول بإعفاء الشيعة من الخمس ومنها آخر توقيع للامام المهدي عليه السلام صدرت فتاوى من كبار الفقهاء والمجتهدين الذين واحتلوا مكانة رفيعة بين العلماء، أباحوا فيها الخمس للشيعة وعدم دفعه لأي شخص كان حتى يقوم قائم أهل البيت:

1- المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن المتوفى (676هـ). أكد ثبوت إباحة المنافع والمساكن والمتجر حال الغيبة وقال: لا يجب إخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس منها (انظر كتاب شرائع الإسلام 182-183 كتاب الخمس ).

2- يحيى بن سعيد الحلي المتوفى (690هـ). مال إلى نظرية إباحة الخمس وغيره للشيعة كرماً من الأئمة وفضلاً كما في (كتابه الجامع للشرائع ص151).

3- الحسن بن المطهر الحلي الذي عاش في القرن الثامن أفتى بإباحة الخمس للشيعة وإعفائهم من دفعه كما في (كتاب تحرير الأحكام 75).

4- الشهيد الثاني المتوفى (966هـ) قال في (مجمع الفائدة والبرهان 4/355-358) ذهب إلى إباحة الخمس بشكل مطلق وقال: إن الأصح هو ذلك كما في كتاب (مسالك الأفهام 68).

5- المقدس الأردبيلي المتوفى (993هـ) وهو أفقه فقهاء عصره حتى لقبوه بالمقدس قال بإباحة مطلق التصرف في أموال الغائب للشيعة خصوصاً مع الاحتياج، وقال: إن عموم الأخبار تدل على السقوط بالكلية في زمان الغيبة والحضور بمعنى عدم الوجوب والحتم لعدم وجود دليل قوي على الأرباح والمكاسب ولعدم وجود الغنيمة. قلت: وقوله هذا مستنبط من قوله تعالى: ?وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ? [الأنفال:41]، ثم بين أن هناك روايات عن المهدي تقول أبحنا الخمس للشيعة.

6- العلامة سلار قال: إن الأئمة قد أحلوا الخمس في زمان الغيبة فضلاً وكرماً للشيعة خاصة انظر كتاب (المراسيم 633).
7- السيد محمّد علي طباطبائي المتوفى أول القرن الحادي عشر قال: إن الأصح هو الإباحة (مدارك الأفهام 344).

8- محمّد باقر السبزواري المتوفى أواخر القرن الحادي عشر قال: المستفاد من الأخبار الكثيرة في بحث الأرباح كصحيحة الحارث بن المغيرة وصحيحة الفضلاء ورواية محمّد بن مسلم ورواية داود بن كثير ورواية إسحاق بن يعقوب ورواية عبد الله بن سنان وصحيحة زرارة وصحيحة علي بن مهزيار وصحيحة كريب: إباحة الخمس للشيعة. وتصدى للرد على بعض الإشكاليات الواردة على هذا الرأي وقال: إن أخبار الإباحة أصح وأصرح فلا يسوغ العدول عنها بالإخبار المذكورة. وبالجملة فإن القول بإباحة الخمس في زمان الغيبة لا يخلو من قوة انظر (كتاب ذخيرة المعاد 292).

9- محمّد حسن الفيض الكاشاني في كتابه مفاتيح الشريعة (229) مفتاح (260) اختار القول بسقوط ما يختص بالمهدي، قال: لتحليل الأئمة ذلك للشيعة.

10- جعفر كاشف الغطاء المتوفى (1227هـ) في كشف الغطاء (364): ذكر إباحة الأئمة للخمس وعدم وجوب دفعه إليهم.

11- محمّد حسن النجفي المتوفى (1266) في (جواهر الكلام 16/141). قطع بإباحة الخمس للشيعة في زمن الغيبة بل والحضور الذي هو كالغيبة، وبين أن الأخبار تكاد تكون متواترة.

12- ونختم بالشيخ رضا الهمداني المتوفى (1310هـ) في كتابه مصباح الفقيه (155): فقد أباح الخمس حال الغيبة، والشيخ الهمداني هذا متأخر جداً قبل حوالي قرن من الزمان أو أكثر.

13 - السيد يوسف البحراني المتوفي عام 1083 هـ في كتابه الحدائق الناظرة ذكر إباحة الخمس للشيعة زمن الغيبة في حق الامام عليه السلام وقال : الظاهر عندي الأباحة في حق الامام عليه السلام فقط ثم قال مترددا والذي يريد أن يحتاط يدفعه للهاشمين أيضا فهو تخيير بين أن تدفع حق الأمام للهاشمين احتياطا أو لا تدفعه بتاتا .

وهكذا نرى أن القول بإباحة الخمس لعوام الشيعة وإعفائهم من دفعه هو قول مشتهر عند كل الفقهاء محدثين و مجتهدين متقدمين منهم أو متأخرين، وقد جرى العمل عليه إلى أوائل القرن الرابع عشر 

الخاتمة :

بما أن القول في الخمس متشابه وليس فيه قول فصل ومحكم كما يظن البعض فهذا يدل على أنه غير مباح دفعه للفقهاء على أقل تقدير ويتوقف الانسان فيه ، رغم أن الاشهر قديما إلى بداية القرن الرابع عشر هو التحليل للشيعة بسبب الروايات الكثيرة التي تدل على ذلك ، وفتاوى فقهاء الشيعة القدماء، ولكن جاء بعدهم كما قال الله تعالى : فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) فكان همهم جمع المال لتوسيع زعاماتهم الدينية على حساب المغفلين من عوام الشيعة الذين يدفعون لهم المال رغم عدم وجود نص ديني يحلل لهم أخذ الخمس في زمن الغيبة . هذا إذا افترضنا أن دفعه جائز زمن الغيبة ولكن الاغلب والاشهر هو تحليل الخمس للشيعة والله الهادي الى سواء السبيل . 

تعليقات