الأنبياء معصومون من الخطأ كما قال الله تعالى في كتابه الكريم لذلك أرسلهم لهداية الناس الى الطريق المستقيم وجعلهم حجة على خلقه يحتج بهم يوم القيامة قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إِبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ) ولو كانون يخطأون واقتدى الناس بهم وقلدوهم لاصبحوا في ضلال لأنهم يرونهم المثل الأعلى لهم فتنتفي بعد ذلك الحكمة الألهية التي من أجلها بعث الرسل والانبياء وهي الهداية .
لذلك أخذ المستشكلون يستشكلون في العصمة بسبب ما في القران الكريم في قوله تعالى (وعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى121 ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وهَدى 122) ويقولون كيف الانبياء معصومون وآدام عليه السلام عصى ربه في الجنة فأتاهم الجواب من الراسخون في العلم وهو الامام الرضا عليه السلام في رواية عن ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) ،والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، وعلي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنه) ، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي ، قال: حدثنا أبوالصلت الهروي ، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليهما السلام) أهل المقالات من أهل الإسلام ومن الديانات: من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات ،فلم يقم أحد الا وقد ألزمه حجته كأنه القم حجرا ، قام إليه علي بن محمد بن الجهم ، فقال: يا بن رسول الله ، أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال: «نعم».
قال: فما تقول في قول الله تعالى: (وعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)؟
فقال الرضا (عليه السلام): «ويحك- يا علي- اتق الله ، ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأول كتاب الله برأيك ، فإن الله عز وجل قد قال: (وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ». وقال (عليه السلام): «أما قوله عز وجل في آدم: (وعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) فإن الله عز وجل خلق آدم (عليه السلام) حجة في أرضه وخليفة في بلاده ، لم يخلقه للجنة ، وكانت المعصية من آدم (عليه السلام) في الجنة لا في الأرض [وعصمته يجب أن تكون في الأرض] لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلما اهبط إلى الأرض وجعله حجة وخليفة ، عصمه بقوله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إِبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) ». الحديث بطوله.) من كتاب البرهان للبحراني تفسير سورة طه
وعنه أيضا رواية أخرى، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) ، قال: حدثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم ، قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) ، فقال له المأمون: يا بن رسول الله ، أليس من قولك أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».
قال: فما تقول في قول الله عز وجل: (وعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)؟
قال (عليه السلام): «إن الله تعالى قال لآدم (عليه السلام): (اسْكُنْ أَنْتَ وزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما ولا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) ، ولم يقل لهما لا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها ، فلم يقربا تلك الشجرة ، ولم يأكلا منها ، وإنما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما ، وقال: (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ)، وإنما نهاكما عن ان تقربا غيرها ، ولم ينهكما عن الأكل منها (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوتَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) ، ولم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) ، فأكلا منها ثقة بيمينه بالله ، وكان ذلك من آدم (عليه السلام) قبل النبوة ، ولم يكن ذلك بذنب كبير يستحق به دخول النار ، وإنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال الله عز وجل: (وعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وهَدى) وقال عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ ونُوحاً وآلَ إِبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) من كتاب البرهان للبحراني تفسير سورة طه
وبذلك بين الامام الرضا عليه السلام معصية آدم عليه السلام في الجنة وما بعدها عندما أهبطه الله تعالى على الأرض وجعله ونبيا وحجة على خلقه لكي يهتدي به الخلائق أجمعين وبين ان الخلائق لا تهتدي أو تقتدي به حتى يكون معصوما من كل ذنب صغير أو كبير .
تعليقات
إرسال تعليق