أختلف المسلمون في تفسيرالقضاء والقدر وكل فرقة لها رأي في ذلك فمنهم من قال بالجبر أي ان الله تعالى يجبر الناس على أفعالهم خير أو شر ومنهم من قال بالتفويض أي أن الله فوض للناس افعالهم سواءا كانت خير أو شر بدون تدخل منه سبحانه ولكن هذه التفسيرات غير مستقيمة ابدا كما وضح ذلك النبي وأهل البيته الطيبين الطاهرين فهم وضحوا تفسير القضاء والقدر بمفهومه الصحيح في عدد من الاحاديث أو الروايات ومنها :
قال إمامنا الصادق عليه السلام :( لا جبر ولا تفويض ، ولكن أمرٌ بين أمرين. وهذا ما ذهبت إليه الاِمامية ومن حذا حذوهم. )
فأفعال العباد واقعة تحت قدرتهم واختيارهم ، ولكن غير خارجة عن قدرة الله تعالى ، إذ هو المفيض على الخلق ، فليست أفعالهم واقعة تحت الجبر بتمكينه لهم ، ولم يفوّض لهم خلق الاَفعال فتكون خارجة عن قدرته وسلطانه ، بل له الحكم والاَمر ، وهو على كلّ شيء قدير.
وعن محمد بن يحيى وعلي بن إبراهيم جميعا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم وعبد الله بن يزيد جميعا، عن رجل من أهل البصرة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستطاعة، فقال: أتستطيع أن تعمل ما لم يكون؟ قال: لا، قال: فتستطيع أن تنتهي عما قد كون؟ قال: لا، قال فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فمتى أنت مستطيع؟ قال:
لا أدري، قال: فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إن الله خلق خلقا فجعل فيهم آلة الاستطاعة ثم لم يفوض إليهم، فهم مستطيعون للفعل وقت الفعل مع الفعل إذا فعلوا ذلك الفعل فإذا لم يفعلوه في ملكه لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلا لم يفعلوه، لان الله عز وجل أعز من أن يضاده في ملكه أحد، قال البصري، فالناس مجبورون؟
قال: لو كانوا مجبورين كانوا معذورين، قال: ففوض إليهم قال: لا، قال: فما هم؟
قال: علم منهم فعلا فجعل فيهم آلة الفعل فإذا فعلوا كانوا مع الفعل مستطيعين،
قال البصري: أشهد أنه الحق وأنكم أهل بيت النبوة والرسالة.) الشيخ الكليني الكافي : ج1 - 162
وبذلك يتبن أستطاعة الناس وأفعالهم بأرادة الله وقضاءه لأنه سبحانه هو من وضع الاستطاعة فيهم وهيأ لهم المكان والظروف وآلة الفعل ثم بعد ذلك بين لهم الخير والشر ولم يجبرهم على شئ بالاكراه فإن أختار الناس الاسلام أو الخير فهو بإرادة الله وقضاءه وإن أختاروا الكفر أو الشر فهو بإرادة الله وقضاءه فهم في هيمنته وسلطانه فلا فعل ولا وجود بدونه سبحانه لذلك كل شئ بإرادته وقضاءه .
وفي حديث عن محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن علي بن الحكم، عن صالح النيلي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: هل للعباد من الاستطاعة شئ؟ قال: فقال لي: إذا فعلوا الفعل كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم، قال: قلت وما هي؟ قال: الآلة مثل الزاني (1) إذا زني كان مستطيعا للزنا حين زنى، ولو أنه ترك الزنا ولم يزن كان مستطيعا لتركه إذا ترك، قال: ثم قال: ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير ولكن مع الفعل والترك كان مستطيعا، قلت: فعلى ماذا يعذبه؟ قال: بالحجة البالغة والآلة التي ركب (2) فيهم، إن الله لم يجبر أحدا على معصيته، ولا أراد - إرادة حتم - الكفر من أحد، ولكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر، وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شئ من الخير، قلت: أراد منهم أن يكفروا؟ قال: ليس هكذا أقول ولكني أقول: علم أنهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم وليست هي إرادة حتم إنما هي إرادة اختيار. ) الشيخ الكليني الكافي : ج1 - 162
روي عن عبيد بن زرارة قال: حدثني حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستطاعة فلم يجبني فدخلت عليه دخلة أخرى، فقلت: أصلحك الله إنه قد وقع في قلبي منها شئ لا يخرجه إلا شئ أسمعه منك، قال: فإنه لا يضرك ما كان في قلبك قلت: أصلحك الله إني أقول: إن الله تبارك وتعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون ولم يكلفهم إلا ما يطيقون وإنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله ومشيئته و قضائه وقدره، قال: فقال: هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي، أو كما قال. ) الشيخ الكليني الكافي : ج1 - 162
وبذلك يتبين انهم في إرادة الله وقضاءه انهم سوف يصيرون إلى خير أو الى شر فهم في سابق علمة سبحانه بأنهم سوف يصيرون إلى ذلك وإرادة الله في هولاء وهولاء إختيارية وليست حتمية أي ليس بالاجبار أن يكفر هولاء أو يسلم هولاء وانما فعلوا ذلك في ارادته وسلطانه وتبيانه وقضاءه وقدره فهم بغير الله لا يستطيعون سواءا هولاء أو هولاء وهذا ما وضحه الحديث الآنف الذكر والله الهادي الى سواء السبيل .
تعليقات
إرسال تعليق