القائمة الرئيسية

الصفحات

فتنة علم الأصول العقلية


بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه آله وسلم انقطعت الاحكام الواقعية اليقينية في المسائل المستجدة بالنسبة للعامة فأسسوا أصول عقليه يعتمدون عليها في استنباط الحكم الشرعي وهو ما يسمى بالاجتهاد واحتمال الخطأ فيه وارد بنسبة كيبرة لأنها تعتمد على الاوهام والظنون لذلك أخرجوا لهم حديثا يخالف القرآن الكريم لكي يجدوا لأنفسهم المعاذير بهذا الحديث الذي يقول ( عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص٬ عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله ( يقول: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران٬ وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر» صحيح البخاري . 

وللأسف سار الكثير من الشيعة كما سار العامة عندما أنقطع الحكم اليقيني الواقعي من الامام المعصوم فأخذوا علم الاصول من العامة شيئا فشيئا حتى تمكن منهم وقالوا بأن رجل الدين إذا أصاب فله أجر وإذا أخطا فهو معذور متأثرين بالعامة ومنهجهم الاصولي الذي أخذوا منه حتى مصطلاحاته وألفاظه مع بعض الاختلافات البسيطة في المضمون .

الرد إلى القرآن الكريم في ذلك :



وهذا الشئ غريب  فعلا فعندما يحكم المجتهد حكما ويدعي بأنه حكم الله الشرعي بينما هو في الحقيقة أخطأ في أصابة هذا الحكم فماذا سيترتب على ذلك ؟ سوى الظلم والفساد والضلال في ما بين الناس فكيف له الأجر والثواب على ذلك ، وقد أخطأ في ظنه بأن هذا الحكم هو حكم الله الواقعي ، وماذا سيكون مصير من عمل بحكمه وفتواه هل يؤجر أم  يعاقب خاصة إذا كان هذا الحكم ادى إلى أشياء خطيرة كهتك الاعراض والقتل والاعتداء على المال والنفس إلى غير ذلك من الاشياء الكبيرة ؟ 
ولكن الحقيقة غير ذلك تماما فقد قال الله تعالى ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) سورة البقرة آيه 79 . 
وقال تعالى (ما لهم به من علم ان يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) 
وقال تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) أي من لم يحكم بحكم الله الواقعي اليقيني
قال تعالى ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ) النحل ص116. وهذا يشمل ما يفتي به علماء الاصول في المسائل الجديدة التي لم يرد فيها نص بعضهم يحرم والأخر يحلل ويقولون هذا حكم شرعي فكيف له اجر وكيف هو معذور وهذه الآيه تصف حالهم ؟

مساوئ علم الاصول  :


علم الأصول أسس لحصول الكثير من الفتن في العالم الإسلامي فكل عالم دين يفتي بشكل مختلف حسب ظنه ومزاجه الشخصي فأ ستحلوا الدماء وكفروا الناس وكثر السباب والتباغض فيما بين المسلمين جميعا حتى صار وسيلة لتصفية الحسابات والقضاء على الخصوم على مر التاريخ  والايام وليس هذا فقط بل تعداه للنصوص كالحكم على الاحاديث والروايات حسب علم الرجال الاصولي المتشابه والذي ليس له قاعدة ثابته يقوم عليها سوى الاهواء الشخصية والتعصبات المذهبية المختلفة لذلك أصبحت الأخطاء على قفى من يشيل وصار الحلال حراما والحرام حلالا سواءا كانو متعمدين أو غير متعمدين بسبب أستخدم الاصول العقلية التي تتولد منها الأراء الشخصية .

ما قاله أهل البيت في علم الاصول الذي يولد الأراء:


علم الاصول يولد الأراء فهو علم غير مستقر وليس له قاعدة ثابته ولا طائل منه لذلك تجد التخبض والارتباك والاضطراب فيمن يعمل به وتلاحظ ذلك في الفتاوي التي يفتي بها خاصة فيما لم يرد فيه نص وقد ورد عن الأئمة عليهم السلام الكثير من الاحاديث تنهى عن الافتاء بالراي ومنها

عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال ( ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولاسنة فننظر فيها ؟ فقال : لا إما أنك إن أصبت لم تؤجر وإن اخطأت كذبت على الله عز وجل ) الكافي . وهنا ينهى الامام عن الافتاء بالرأي فيما لم يأتي فيه نص .

وعن يونس بن عبد الرحمن قال : قلت لأبي الحسن الاول عليه السلام : بما أوحد الله ؟ قال يا يونس لاتكونن مبتدعا ، من نظر برأيه هلك ، ومن ترك اهل بيت نبيه ضل ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر .) الكافي.  فهنا نهي واضح عن الافتاء بالرأي القائم على علم الاصول العقلية . بل في هذا العلم يحكمون على الاحاديث ويضعفونها بسبب أحكام يطلقونها على الرجال مع أنها توافق الكتاب أو السنة ولكن لا يعمل بها بسبب الحكم على الرجال ، وهذا يخالف منهج أهل البيت عليهم السلام في قبول الأحاديث لذلك تُركت الكثير من الأحاديث والروايات جانبا ويُعمل بحكم الأراء الأصولي عوضا عن ذلك  .

عن أبي جعفر قال خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال : أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع ، وأحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب الله ، يتولى فيها رجال رجالا ، فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، ولو أن الحق خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنالك أستحوذ الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى ) وهذا بضبط ما يفعله علماء الأصول وصفه الامام علي عليه السلام وصفا دقيقا .


ماذا قال النبي عن علماء الاصول والأراء:


 سبب علم الاصول والاجتهاد الكثير من الفتن والخراب لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله في فقهاء علم الاصول والاجتهاد ( سيأتي زمان على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا أسمه يسمون به وهم ابعد الناس منه مساجدهم عامرة وهي خراب منالهدى فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود ) بحار الانوار ج52 ص190 .

 و قال صلى الله عليه وآله ): ( ويل لأمتي من علماء السوء ، يتخذون هذا العلم تجارة يبيعونها من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم، لا أربح الله تجارتهم ) العلم والحكمة في الكتاب والسنة ص 453.

وعنه (صلى الله عليه وأله): ( ...... يا ابن مسعود: علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة، ألا إنهم أشرار خلق الله، وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله يدخلهم نار جهنم " صم بكم عمي فهم لا يرجعون "، " ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا "، " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب "، " إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور، تكاد تميز من الغيظ "، " كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق "، " لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون ".
يا ابن مسعود: يدعون أنهم على ديني وسنتي ومنهاجي وشرائعي إنهم مني برآء وأنا منهم برئ
يا ابن مسعود: ما بلوى أمتي منهم العداوة والبغضاء والجدال أولئك أذلاء هذه الأمة في دنياهم. والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ويمسخهم قردة وخنازير.
قال: فبكى رسول الله وبكينا لبكائه وقلنا: يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال: رحمة للأشقياء، يقول الله تعالى: ***64831; لَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ***64830; يعني العلماء والفقهاء .... ) مكارم الأخلاق ص 450 – 454

الخلاصة :


ألا يدل كل ما قلناه أن علم الأصول فتنة لأنه يستخدم في أبتداع الاحكام وتوليدها من عقل المجتهد ، خاصة في المسائل الجديدة التي لم يرد فيها نص فإذا أتته مسألة يلجأ العالم الاصولي للأصول العقلية المبتدعة ويخلط الحابل بالنابل لكي يبتدع حكما من كيسه ويقول هذا حكم الله ، فُيفتتن بهذا الحكم ويفتن به الناس . قال رسول الله صلى الله عليه وآله أبا الله لصاحب البدعة بالتوبة . قيل يارسول الله وكيف ذلك ؟ قال : إنه قد أٌشرب قلبه بحبها ) أي أصابه العجب بنفسه وأصبح يرى نفسه فلته من فلتات الزمان .




تعليقات