بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي وسلم على محمد وآله الطيبين الطاهرين
سنتحدث اليوم عن شخصية كبيرة في الشعر العربي الفصيح ألا وهو السيد حيدر الحلي رحمه الله تعالى
فمن هو يا ترى السيد حيدر الحلي؟
هو ابو الحسين : حيدر بن سليمان بن داوود الحلي يصل نسبه الى الامام زين العابدين بن الامام الحسين بن علي عليهما السلام
ولد في الحلة عام 1246 هـ ونشأ يتيما فقد مات والده وهو طفل صغير فتولى تربيته عمه السيد مهدي وجعله كأولاده وقام بتعليمه وصقل مواهبه التي خلقت منه شاعرا فاق عمه في كثير من الحلبات الأدبية ولا بدع فقد غذاه عمه بما وسعه أن يغذيه من لبان أدبه وعلمه وأورثه كثير من صفات الرجولة والبطولة
شعره وشاعريته
السيد حيدر من أكبر أدباء عصرة قرأ الكثير من شعر العرب وحفظ المجلدات من أخبارهم وتتبع الفصيح من أقوالهم والمأثور من كلامهم والبديع من صناعتهم لذا تراه في شعره فصيح المفردات قوي التركيب بديع الصنعة وقد تفوق في الشعر على شعراء عصره وذلك لعدة أسباب منها
بيئته التي نبغ فيها وصراعه العنيف مع الشعراء والعلماء
ومراثيه لجده الحسين عليه السلام وتسجيله واقعة الطف
فقد كان ينظم فيها بلهجة الاروع الموتور وللعامل الأخير ابلغ الاثر فقد دفع بكثير من أعلام عصره أن يفضله على كثر من الشعراء كالسيد الرضي ومهيار والكعبي وغيرهم .
شعوره بالزعامة الادبية
تقرأمن خلال آثار صاحب الديوان فجد أنه كان مؤمنا بالزعامة الأدبية والتفوق على شعراء عصره فتراه في كثير ما يصرح بذلك في رسائله وشعره وأحاديثه وخاصة عندما يحتدم غيظا فمن ذلك قوله : من رسالته الى العلامة الميرزا صالح القزويني ( فلقد علم هذا العصر , أني لسانه الذي انتهت اليه مقالة الشعر ومن قوله
أنا الذي لم يسلخ * إلا غدا ونديمه الندم
واذا اهتزت لمدح ذي كرم * فأنا لسان والزمان فم
محاكمته لشعره
أنفرد السيد حيدر عم كثير من شعراء عصره بعدة ظواهر منها كونه حاكم شعره في حياته , فكان لعتداده بنفسه لا يثبت القصيدة إلا بعد أن يقرأها المرة تلو الأخرى وبعد الأطمئنان يقرؤها على رهط من فحول الشعراء بعد أعطائه لهم حرية النقد والمناقشة فاذا ما تم كل ذلك وافق على نسبتها له . لذا تراه أول ما عني بمراثيه لآل البيت (ع) فكان لا يذيع قصيدة إلا بعد أن يمر عليها عام واحد ومن ثم يخرجها ويقرؤها ليذيعها في الأندية ولهذا عرفت مراثيه بالحوليات .
أسلوبه الفني
ليس بمقدور كل شاعر أن يصبح ناثرا ولا عكس , غير أن بعضهم ممن وهبوا مقدرة أدبية واسعة أتقنوا الصناعتين وأجادوا فيهما إجادة المتخصص الفنان ومنهم السيد حيدر الحلي ولعل خير مصداق على مانقول رسائل السيد حيدر واسلوبه فقد جاء رصينا محكما تجمعت فيه روعة البديع بأنواعه واليك قطعة من رساله له ( سلام من فتقت نور زهره صبا الحب , وأعربت أنفاس نشره عن طي سريرة الصب , ورقت ألفاضه حتى سرق النسيم طبعه من رقتها ...
أثاره الأدبية
خلف السيد حيدر اربع كتب أدبية وهي
1- العقد المفصل :وهذا الكتاب قيم ممتع ألفه لصديقه العلامة الشيخ محمد حسن كبه سجل فيه مآثره وآثاره , وما قاله فيه وما قيل في الاسرة من نظم ونثر
2- دمية القصر في شعراء العصر : وهو كتاب ما زال مخطوطا
3-الاشجان في مراثي خير أنسان : جمع فيه مراثي صديقه العلامة السيد ميرزا القزويني
4- ديوان شعره المسمى : الدر اليتم
وفاته
توفى السيد حيدر في مسقط رأسه الحلة سنة 1304هـ وحمل نعشه الى النجف بموكب مهيب ودفن هناك وله من الاولاد ثلاتة وهم
السيد سليمان : مات قبل أبيه ولم يعقب
السيد حسين : شاعر وأديب و عقب ثلاثة أولاد
السيد علي : أديب ينظم الشعر المقبول عقب ستة أولاد
نماذج من شعره
قال يرثي جده الامام الحسين عليه السلام
على كل واد دمع عينيك ينطب * وما كل واد جــــــــــزت فيه المعرف
أظنك أنكرت الديار فمل معي * لعلك دار العامــــــــــــــــــــــرية تعرف
نشدتك هل أبقيت للدمع موضعا * من الأرض تهمي الغيث فيه وتنطف
فهذا ولم تذرف دموعا وأنمــــا * دم القلب من أجفــــان عينيك يذرف
وقال في قصيدة أخرى يرثي فيها الامام الحسين أيضا
الله ياحامي الشريعة * أتقر وهي كذا مروعة
بك تستغيث وقابها * لك عن جوى يشكو صدوعة
تدعو وجرد الخيل مصغية * لدعوتها سميعة
وتكاد ألسنة السيوف * تجيب دعوتها سريعة
فصدورها ضاقت بسر * الموت فإذن أن تذيعة
وقال يمدح أحد الاشراف
نعى الناعون للشرف المعلى * فتى الاشراف سيدها النقيبا
على القدر أعبق من نمته * أرومة هاشم في المجد طيبا
به لبس الزمان قشيب برد * فجوذب ذلك البرد القشيبا
وقال يهجو أهل زمانه
ما أكثر الناس لولا أنهم بقر * تأتي المثالب أفواجا اذا ذكروا
لو شام آدام بعضا من فضائحهم * لما أحب له أن ينسب البشر
وقال معاتبا أحد أصدقاءه
كلما زادك المحب أقترابا * زدت عنه تباعدا و أجتنابا
شيمة ليست العلى ترتضيها * للذي كان هاشميا لبابا
تعليقات
إرسال تعليق