القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية عمرو بن العاص في الاجتهاد




روى عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله ( إذا حكم الحاكم فأجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فأجتهد ثم أخطأ فله اجر) صحيح البخأري ج8 ص157 . من الواضح ان هذا الحديث يخالف العقل من ناحيتين أولا : إذا أجتهد الحاكم وأخطأ أدى إلى معصية لله تعالى فهل يعطى الله سبحانه وتعالى أجرا للذي عصاه ؟ ، ثانيا : هذه المعصية ستؤدي إلى الضلال والفساد في الأرض قال تعالى ( والله ولا يحب الفساد ) فكيف سيعطي أجرا لمن حكم بالفساد والضلال في الأرض ؟ .

 ذكر بن حزم حديث عمر بن العاص هذا فقال فيه ( أما حديث عمرو بن العاص فأعظم حجة عليهم لأن فيه أن الحاكم المجتهد يخطئ ويصيب فإذا ذلك كذلك فحرام الحكم في الدين بالخطأ ، وما أحل الله تعالى قط أمضاء الخطأ فبطل تعلقهم به ) الاحكام لابن حزم ج6 ص771

كما أن هذا الحديث مخالف للقرآن الكريم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :« ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فأنا قلته ، وما خالفه فلم أقله » أخرجهُ البيهقي في السنن ومعرفة الآثار (1/8)

وبهذا يتبين أن هذا الحديث مخالف للقرآن الكريم لقوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) أو الظالمون أو الكافرون في آيات أخرى . فالمجتهد إذا أخطأ سيحكم بغير ما أنزل الله تعالى فيكون أما كافرا أو فاسقا أو ظالما كما في الايات القرانية فكيف يكون مأجورا على الخطأ وقد وصف الله من يحكم بغير ما انزل بتلك الاوصاف الشنيعة .

أما التبرير بالقول أنه بذل وسعه وهو مجتهد ويأخذ أجرعلى تعبه فلا دليل عليه من القران فآية الحكم غير مقيدة بمجتهد أو غير مجتهد بذل وسعه أو لم يبذل وسعه بل هي عامة لكل من حكم بغير ما أنزل الله تعالى فلا أجر لمن فعل ذلك بل هي تصفهم بالكفر أو الفسوق أوالظلم وهي أوصاف تستوجب الغضب والعقاب الشديد من الله تعالى وليس الأجر.

من يحكم بالخطأ يعاقب متعمد أو غير متعمد وهذا حديث ورد عن طريق المخالفين فعن قتادة أنه قال : سمعت رفيعا أبا عالية يقول : قال علي بن أبي طالب : القضاة ثلاثة : أثنان في النار و واحد في الجنة رجل جار متعمدا فهو في النار ، ورجل أراد الحق فأخطأ فهو في النار ، ورجل أصاب الحق فأصاب فهو في الجنة . قال قتادة قلت لأبي عالية : أريت هذا الذي أراد الحق فأخطأ ؟ فقال كان حقه إذا لم يعلم القضاء أن يكون قاضيا .) كتاب الاحكام ج6 .

والعجيب يا أعزائي هناك بعض الشيعة الاصوليين يحتجون بهذا الحديث رغم أنه حديث ورد عن طريق المخالفين وحدث ذلك عندما ناظرت أثنان في الاجتهاد والتقليد أحدهم مدرس تكلم وأحتج علي بهذا الحديث فقلت له : أن هذا الحديث ورد من طرق المخالفين وليس الشيعة فما أقتنع بكلامي تعنتا حتى لا ينحرج أمام الناس .

والثاني رجل دين شيخ معمم يحتج علي بهذا الحديث وهذا ما صدمني حقيقة لأنه رجل دين يقول: لي حتى السنة يقولون إذا أخطأ المجتهد فله أجر طيب هذا الحديث جاء عن طريق المخالفين والأئمة قالووا لا تأخذوا منهم شئ لأنهم يخالفون أهل البيت في الغالب وأنت تقول أنك تطيع الأئمة عليهم السلام فكيف تاخذ منهم وتحتج علي بذلك .

وهذا طبعا سببه الافلاس فلا يوجد دليل قطعي على الاجتهاد عندنا نحن الشيعة بل يوجد العكس وهذا ما يجعلهم يلجأون في الكثير من الأحيان إلى الأحاديث التي رواها المخالفون وأدواتهم الاجتهادية المختلفة كالقياس والسيرة العقلائية والاستحسانات والاجماع وغيرها من الأدوات .

وخلاصة الكلام مما ذكر أن االاجتهاد في الدين هو الرأي الذي توصل إليه المجتهد فإذا أخطأ في هذا الرأي يعاقب عليه ولا يؤجر لأنه حكم بغير ما أنزل الله تعالى لما قال برأيه والحديث  الذي رواه عمرو لا يستقيم مع كتاب الله تعالى الذي يعطي الأجر على الحسنة ويعاقب على المعصية ولا يستقيم مع أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم  الصحيحة التي تحث على الحكم بالعلم اليقيني وليس بالظنون والأراء الاجتهادية 

تعليقات