بعد استشهاد الامام علي عليه السلام تولى الخلافة الأمام الحسن عليه السلام ولكن معاوية نازع الامام الحسن الخلافة وكاد أن يلتحم الجيشان فعرض معاوية على الامام الحسن الصلح فوافق الامام الحسن ذلك بسبب معرفته بضعف الجيش ولكن بشروط او منها اولا :عدم التعرض للإمام علي عليه السلام بالسب أو الشتم على المنابر ثانيا : عدم التعرض للشيعة وغيرها من الشروط التي وافق عليها معاوية في البداية لكنه فيما بعد نكث العهود التي أبرمها مع الإمام الحسن عليه السلام و أظهر وجهه الشيطاني فأخذ يسب الامام علي عليه السلام وأمر بذلك في جميع الأمصار الإسلامية وجعل ذلك سنة في الدولة الاموية وهناك شواهد تاريخية كثيرة في ذلك ذكرت في المصادر التاريخية والحديثية ومنها
سب معاوية للإمام علي بمختلف الطرق ومنها :
1- معاوية يوصي المغيرة بن شعبة بسب علي عليه السلام .
وسبب ذلك أن معاوية استعمل المغيرة بن شعبة علي الكوفة سنة إحدى وأربعين فلما أمره عليها دعاه وقال له: أما بعد فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها اعتمادا علي بصرك ولست تاركا إيصاءك بخصلة لا تترك شتم علي وذمه والترحم علي عثمان والاستغفار له والعيب لأصحاب علي والإقصاء لهم والإطراء بشيعة عثمان والإدناء لهم فقال له: المغيرة قد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك فلم يذممني وستبلو فتحمد أو تذم فقال: بل نحمد إن شاء الله تعالى.. الكامل في التاريخ لابن الأثير : ج3 - ص 472
- حدثنا :وعن أبو بكر محمد بن داود بن سليمان ، ثنا : عبد الله بن محمد بن ناجية ، ثنا : رجاء بن محمد العذري ، ثنا : عمرو بن محمد بن أبي رزين ، ثنا : شعبة ، عن مسعر ، عن زياد بن علاقة ، عن عمه : أن المغيرة بن شعبة سب علي بن أبي طالب ، يا مغيرة ألم تعلم أن رسول الله (ص) نهى عن سب الأموات فلم تسب عليا وقد مات ، هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، هكذا ، إنما اتفقا على حديث الأعمش ، عن مجاهد ، عن عائشة : أن النبي (ص) ، قال : لا تسبوا الأموات فانهم قد أفضوا إلى ما قدموا ( الحاكم النيسابوري في كتابه المستدرك على الصحيحيين ج1 ص384
وفى النصائح الكافية ـ محمد بن عقيل ص96 : (قال) ابن عبد ربه فى العقد لما مات الحسن ابن على حج معاوية فدخل المدينة واراد أن يلعن علياً علي منبر رسول الله صلي الله عليه واله وسلم فقيل له ان هاهنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضي بهذا فابعث إليه وخذ رأيه فأرسل إليه وذكر له ذلك فقال إن فعلت ذلك لأخرجن من المسجد ثم لا أعود إليه فامسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد فلما مات لعنه علي المنبر وكتب إلى عماله أن يلعنوه علي المنابر ففعلوا فكتبت أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وآله إلى معاوية انكم تلعنون الله ورسوله علي منابركم وذلك أنكم تلعنون على بن أبي طالب ومن أحبه وأنا اشهد أن الله احبه ورسوله فلم يلتفت أحد إلى كلامها مع علمهم بصحة روايتها وشرف .
2- معاوية يرشي صحابي ليفتري على علي عليه السلام :
وروي أنّ معاوية بذل لسمرة بن جندب: ( مائة ألف درهم حتى يروي أنّ هذه الآية نزلت في حق علي ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ) (1) فلم يقبل ، فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل ، فبذل له ثلاثمائة ألف درهم فلم يقبل ، فبذل له أربعمائة ألف درهم فقبل ، وروى ذللك ) .
وقام معاوية بقتل أخيار الصحابة الموالين للاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ومنهم حجر بن عدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2). الكامل في التاريخ ج3 ص 273 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص 231 .
3- معاوية يطلب من سعد سب علي عليه السلام :
أمر معاويةُ بنُ أبي سفيانَ سعدًا فقال ما منعك أن تَسُبَّ أبا ترابٍ قال أَمَا ما ذَكَرْتُ ثلاثًا قالهن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فلن أَسُبَّهُ لَأَن تكونَ لي واحدةٌ منهن أَحَبَّ إليَّ من حُمْرِ النَّعَمِ سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقول لعليٍّ وخَلَّفَه في بعضِ مَغَازِيهِ فقال له عليٌّ يا رسولَ اللهِ تُخَلِّفُنِي مع النساءِ والصِّبيانِ فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أَمَا تَرْضَى أن تكونَ مِنِّي بمنزلةِ هارونَ من موسى إلا أنه لا نُبُوَّةَ بعدي وسَمِعتُه يقول يومَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرايةَ رجلًا يحبُّ اللهَ ورسولَه ويحبُّه اللهُ ورسولُه قال فتَطَاوَلْنا لها فقال ادْعُوا لي عليًّا قال فأتاه وبه رَمَدٌ فبَصَق في عينِهِ فدفع الرايةَ إليه ففتح اللهُ عليه وأُنْزِلَت هذه الآيةُ { نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ } الآية دعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عليًّا وفاطمةَ وحَسَنًا وحُسَيْنًا فقال اللهم هؤلاء أهلي ..( رواه الترمذي في كتابه الصفحة أو الرقم: 3724 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح غريب من هذا الوجه _ ورد في صحيح مسلم - كتاب فضائل الصحابة - باب فضائل علي عليه السلام حديث 4547
4- يُسب الامام علي عند معاوية و هو يقر ذلك و فرحان :
وعن أبي كثيرة قال كنت جالسا عند الحسن بن علي فجاءه رجل فقال لقد سب عند معاوية عليا سبا قبيحا رجل يقال له معاوية بن خديج فلم يعرفه قال إذا رأيته فائتني به قال فرآه عند دار عمرو ابن حريث فأراه إياه قال أنت معاوية بن خديج فسكت فلم يجبه ثلاثا ثم قال أنت الساب عليا عند ابن اكلة الأكباد أما لئن وردت عليه الحوض وما أراك ترده لتجدنه مشمرا حاسرا عن ذراعيه يذود الكفار والمنافقين عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم، ( مجمع الزوائد للهيثمي ج9 . ص 130 - كنز العمال ج11 - 357
وفي مختصر أخبار شعراء الشيعة للمرزباني / 57: (وكان عنده يوما إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا، فكان آخر كلامه أن سب عليا فأطرق الناس فتكلم الأحنف مخاطبا لمعاوية فقال: إن هذا القائل ما قال لو يعلم أن رضاك في لعن الأنبياء والمرسلين، لما توقف في لعنهم! فاتق الله ودع عنك عليا فقد لقي ربه بأحسن ما عمل عامل... الخ.). انتهى
روى عن عمرو أنه كان يركب ويدور القرى بالشام ويجمع أهلها، ويقول: أيها الناس، إن عليا كان رجلا منافقا، أراد أن ينخس برسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة، فالعنوه، فيلعنه أهل تلك القرية، ثم يسير إلى القرية الأخرى، فيأمرهم بمثل ذلك، وكان في أيام معاوية. شرح نهج البلاتغة لابن ابي الحديد ج4 ص103
ونتيجة لاستمرار شتم الإمام علي ( عليه السلام ) وسبه ، كتبت أم المؤمنين أم سلمة إلى معاوية : ( إنكم تلعنون الله ورسوله على منابركم ، وذلك أنكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبه ، وأنا أشهد أن الله أحبه ورسوله ) ( 4 ) .العقد الفريد ج5 ص 115 وفي مسند أحمد ج7 ص 455
أهل الشام وملوك بني امية و ولاتهم يسبون علي عليه السلام :
عن عائشة ابنة سعد أن مروان بن الحكم كان يعود سعد بن أبي وقاص وعنده أبو هريرة وهو يومئذ قاضي لمروان بن الحكم فقال سعد ردوه فقال أبو هريرة سبحان الله كهل قريش وأمير البلد جاء يعودك فكان حق قال ممشاه عليك أن ترده فقال سعد ائذنوا له فلما دخل مروان وأبصره سعد بوجهه تحول عنه نحو سرير ابنته عائشة فأرعد سعد وقال ويلك يا مروان إنه طاعتك يعني أهل الشام على شتم علي بن أبي طالب فغضب مروان فقام وخرج مغضبا. ( أخرجه ابن عساكر . تاريخ دمشق ص140
(وذكر المبرد أن خالدا هذا لما كان أمير العراق في عهد هشام الملعون و كان يلعن عليا فيقول: اللهم العن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، صهر رسول الله على ابنته، وأبا الحسن والحسين! ثم يقبل على الناس ويقول: هل كنيت). (وهو في كامل المبرد / 399، ونثر الدرر للآبي / 798، والأغاني: 22 / 25).
وقد تعلم خالد القسري التملق من زياد بن أبيه، الذي قتل وعذب وسجن وهدم بيوت كل من لم يلعن عليا عليه السلام في الكوفة والبصرة لمدة خمس سنوات! ثم اتخذ قرارا أن يحشر من بقي وبدأ بشخصيات الكوفة وعلمائها فأهلكه الله
تملق الناس للولاة ومعاوية في الغارات للثقفي: 2 / 842: (قال هشام بن الكلبي قال: إني أدركت بني أود وهم يعلمون أبناءهم وحرمهم سب علي بن أبي طالب عليه السلام! وفيهم رجل دخل على الحجاج فكلمه بكلام فأغلظ عليه الحجاج في الجواب، فقال: لا تقل هذا أيها الأمير! فما لقريش ولا لثقيف منقبة يعتدون بها إلا ونحن نعتد بمثلها! قال: وما مناقبكم؟ قال: ما ينقص عثمان ولا يذكر بسوء في نادينا قط! قال: هذه منقبة. قال: ولا رؤي منا خارجي قط! قال: منقبة. قال: وما شهد منا مع أبي تراب مشاهده إلا رجل فأسقطه ذلك عندنا. قال: منقبة. قال: وما أراد رجل منا قط أن يتزوج امرأة إلا سأل عنها هل تحب أبا تراب أو تذكره بخير؟ فإن قيل: إنها تفعل اجتنبها. قال: منقبة. قال: ولا ولد فينا ذكر فسمي عليا ولا حسنا حسينا، ولا ولدت فينا جارية فسميت فاطمة. قال: منقبة. قال: ونذرت امرأة منا إن قتل الحسين أن تنحر عشر جزور، فلما قتل وفت بنذرها. قال: منقبة. قال: ودعي رجل منا إلى البراءة من علي ولعنه، فقال: نعم وأزيدكم حسنا وحسينا، قال، منقبة والله). وفي الصراط المستقيم: 3 / 245: (محمد بن سيرين: كان مؤدبا للحجاج على ولده، وكان يسمعه يلعن عليا عليه السلام فلا ينكر عليه! فلما لعن الناس الحجاج خرج من المسجد وقال: لا أطيق أسمع شتمه).
في شرح النهج: 4 / 58: (وروى أهل السير أن الوليد بن عبد الملك في خلافته ذكر عليا عليه السلام فقال: لعنه الله كان لص ابن لص. بالجر، فعجب الناس من لحنه فيما لا يلحن فيه أحد ومن نسبته عليا عليه السلام إلى اللصوصية وقالوا: ما ندري أيهما أعجب؟! وكان الوليد لحانا). (ونثر الدرر للآبي / 389، والتذكرة الحمدونية / 633)
في المناقب والمثالب للقاضي النعمان / 328: (قطع عبد الملك ذكر فضائل علي عليه السلام، وأخذ على أيدي المحدثين: أن لا يذكروا شيئا منها ولا يظهروا كتابا فيها، وأمر من استماله منهم بدنياه وأناله منها وأرضاه، أن وضع له أخبارا في فضائل بني أمية، وأظهر لعن علي عليه السلام على المنابر، وتتبع من ينتحل فضله ويقول بإمامته بالقتل والتشريد. ومن معارفه في التهيب عند الناس وتخويفهم نفسه: أنه خطب فيما روي عنه فقال: إني والله ما أنا بالخليفة المستضعف، ولا بالخليفة المداهن، ولا بالخليفة المأبون. يعني بالمستضعف عثمان، وبالمداهن معاوية، وبالمأبون يزيد).
وفى أسد الغابة لابن الاثير ج1 ص308 قال : عن عبد الله بن العلاء عن الزهري قال سمعت سعيد بن جناب يحدث عن أبى عنفوانة المازنى قال سمعت أبا جنيدة جندع بن عمرو بن مازن قال :(سمعت النبي يقول من كذب علىَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وسمعته والا صمتاً يقول وقد انصرف من حجة الوداع فلما نزل غدير خم وأخذ بيد على وقال من كنت وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . قال عبيد الله فقلت للزهري لا تحدث بهذا بالشام وأنت تسمع ملىء أذنيك سب علي فقال : والله ان عندى من فضائل علي ما لو تحدثت بها لقتلت
هدف معاوية من السب رغم حصوله على الملك :
كان هدف معاوية ليس سياسيا فقط كأن يأخذ الحكم بل كان هدفه دينيا أيضا وعُرف ذلك من فلتات لسانه و كراهة سماعه ذكر النبي صلى الله عليه وآله في الآذان والشاهد على ذلك هذه الرواية التي تقول ( وروى الزبير بن بكار في،، الموفقيات،، - وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي عليه السلام، والانحراف عنه -: قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع أبي على معاوية، فكان أبى يأتيه، فيتحدث معه، ثم ينصرف إلى فيذكر معاوية وعقله، ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، ورأيته مغتما فانتظرته ساعة، وظننت أنه لأمر حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مغتما منذ الليلة؟ فقال: يا بنى، جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم، قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به. إنك قد بلغت سنا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا، وبسطت خيرا فإنك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه، فقال: هيهات هيهات! أي ذكر أرجو بقاءه! ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو عدى، فاجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر، وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: (أشهد أن محمدا رسول الله)، فأي عملي يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك! لا والله إلا دفنا دفنا. ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج5 ص 130 )
لذلك كان يسعى للقضاء على الإسلام نهائيا ولكن لم يتسنى له ذلك فقام بالقضاء على الإسلام الحقيقي وعمل نسخة مزيفة من الإسلام وهو ما عرف بالإسلام الاموي و ذلك بالصد عن سبيل الله و سبيل الله هو الامام علي عليه السلام ونفس رسول الله صلى الله عليه آله وسلم لذلك أراد أن ينتقم بعدة وسائل سنذكرها بالاحاديث ومنها
روي أن قوما من بني أمية قالوا لمعاوية : ( . . . إنك قد بلغت ما أملت ، فلو كففت عن لعن هذا الرجل ، فقال : لا والله حتى يربو عليه الصغير ، ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكر له ذاكر فضلا ) ( 5 ) . شرح نهج البلاغة ج4 ص 57
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي : وذكر شيخنا أبو جعفر الأسكافي ( توفي : 240 هـ ) ( رحمه الله تعالى ) : أن معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي ( عليه السلام ) تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جُعلا يرغب في مثله ، فاختلقوا ما ارضاه ، منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير (1) . شرح بن ابي الحديد نهج البلاغة ج4 ص 63
قال : وقد صح أن بني أمية منعوا من اظهار فضائل علي ( عليه السلام ) ، وعاقبوا على ذلك الراوي له ، حتى إن الرجل اذا روى عنه حديثاً لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر عن ذكر اسمه ـ أي اسم علي ـ فيقول : عن أبي زينب (2) .
وكتب معاوية الى عماله في جميع الأفاق : ان انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته ، والذين يروون فضائله ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم وقربوهم واكرموهم ، واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم ، واسمه واسم أبيه وعشيرته .
ففعلوا ذلك ، حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه اليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كل مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملاً من عمال معاوية ، فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة الا كتب اسمه وقربه و شفعه فلبثوا بذلك حيناً .
ثم كتب الى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية ، فاذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس الى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب ـ يعني الإمام علي ـ الا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإن هذا أحب اليّ وأقر لعيني ، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته ، وأشد اليهم من مناقب عثمان وفضله .
فقرئت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى ، حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وألقي الى معلمي الكتاتيب ، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن ، وحتى علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله ( (3) شرح نهج البلاغة لابي الحديد ج 11 ص 44 ـ 45 .
حكم سب الإمام علي عليه السلام :
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلم بأن هناك من سيسبون الامام علي عليه السلام بعده والامام علي هو السبيل إلى الله ففي حديث عن جعفر و الباقر عليهما السلام : عن جعفر و أبو جعفر عليهما السلام في قوله تعالى ( إن الذين كفروا ) يعني بني امية ( وصدوا عن سبيل الله ) عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ) بحار الانوار ج34 ص364 وعند السنة حديث ابن عباس رضي الله عنه ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى بن ابي طالب أنت الطريق الواضح وانت السراط المستقيم وانت يعقوب المؤمنين ) شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص 76 و السراط المستقيم هو السبيل إلى الله تعالى لذلك بين النبي حكم من يسبه عليه السلام فقال في عدة أحاديث وردة في عدة مصادر من كتب السنة و منها
أحاديث ومنها هذا الحديث عن أم سلمة (من سب عليا) حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى بن أبي بكر، قال ثنا إسرائيل، عن إسحاق، عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على أم سلمة فقالت لي: أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم قلت: معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من سب عليا فقد سبني " أخرجه أحمد في " المسند " (6 / 323
حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ بهمدان، ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق التميمي، ثنا جندل بن والق، ثنا بكير بن عثمان البجلي، قال سمعت أبا إسحاق التميمي يقول: سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول حججت وأنا غلام فمررت بالمدينة وإذا الناس عنق واحد فأتبعتهم فدخلوا على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعتها تقول: يا شبيب بن ربعي: فأجابها رجل جلف جاف لبيك يا أمتاه! قالت: يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناديكم؟ قال: وإني ذلك؟ قالت: فعلي بن أبي طالب قال: إنا لنقول أشياء نزيد عرض الدنيا قالت: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله تعالى ".أخرجه الحاكم في المستدرك " (3 / 121)
(وعن ابن عباس أنه مر بمجلس من مجالس قريش وهم يسبون علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لقائده: ما يقول هؤلاء؟ قال: يسبون عليا! قال: قربني إليهم، فلما أن أوقف عليهم، قال: أيكم الساب الله؟ قالوا: سبحان الله! من يسب الله فقد أشرك بالله. قال: فأيكم الساب رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قالوا: من يسب رسول الله فقد كفر. قال: فأيكم الساب علي بن أبي طالب؟ قالوا: قد كان ذلك. قال: فأشهد بالله وأشهد لله، لقد سمعت رسول الله يقول: من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله عز وجل، ومن سب الله أكبه على منخريه في نار جهنم .
ثم مضى. فقال لقائده: فهل قالوا شيئا حين قلت لهم ما قلت؟ قال: ما قالوا شيئا. قال: كيف رأيت وجوههم؟ قال: نظروا إليك بأعين محمرة * نظر التيوس إلى شفار الجازر قال: زدني فداك أبوك. قال : خزر الحواجب ناكسو أذقانهم * نظر الذليل إلى العزيز القاهر قال: زدني فداك أبوك. قال: ما عندي غير هذا. قال: لكن عندي : أحياؤهم خزي على أمواتهم * والميتون فضيحة للغابر) (ورواه كثير من مصادر الحديث والأدب، كالرياض النضرة في مناقب العشرة للطبري / 394، وسمط النجوم العوالي: 3 / 33، والمستقصى للزمخشري: 2 / 368 ومروج الذهب / 654، والنصائح الكافية / 102، ومناقب محمد بن سليمان: 2 / 598، وشرح الأخبار: 1 / 156، و 439، والأربعون حديثا لمنتجب الدين / 97، ومناقب آل أبي طالب: 3 / 21، والغدير: 2 / 300، وفهرست منتجب الدين / 352، ومناقب الخوارزمي / 137، والأغاني: 15 / 114)
الخاتمة :
وبذلك يتبين أن معاوية بعد الصلح مع الإمام الحسن عليه السلام خالف الشروط بعد أن وافق عليها و منها عدم سب الإمام علي عليه السلام ، و عدم التعرض للشيعة بل وضع هذه الشروط تحت قدميه و خذ يسب و يشتم و يلعن الإمام علي عليه السلام على المنابر علانية وأرسل لجميع ولاته في الأمصار لكي يفعلوا ذلك ، وقام يدفع ألآف الدنانير ليشتري ذمم كثير من الناس حتى يقومون بتأليف أحاديث مكذوبة على النبي صلى الله عليه و آله و سلم يُذم فيها الامام علي و يُمدح فيها بعض الصحابة و لم يكتفي بذلك بل منع ذكر فضائل الامام علي وحكم على من يفعل ذلك بالقتل والتشريد والنفي والفناء وقد ذكرنا الكثير من الشواهد على ذلك في الموضوع و الله الهادي إلى سواء السبيل .
تعليقات
إرسال تعليق