القائمة الرئيسية

الصفحات

الحسن يأخذ عسلا من بيت المال



قرأت كتاب اسمه سيرة الأئمة الأثني عشر في ج1 ص 338 لاحد الاخوة الشيعة و هو هاشم الحسني وفيه هذه رواية استوقفتني و لم أستطع المرور عليها مرور الكرام وقد صاغها الحسني بأسلوب أدبي جميل ولكنها تضعن في عصمة الامام الحسن عليه السلام ولم يعلق عليها أو يبدى رأيه فيها كأنها من المسلمات مع أنه يعلق على كثير من الروايات والاحداث التاريخية التي فيها تجاوز على أحد المعصومين عليهم السلام لذلك رأيت أن من واجبي أن أعلق وأبدي رأيي العلمي في هذه الرواية .

الرواية التي ذكرها :

يقول جاء في تذكرة الخواص لأبن الجوزي عن عمر بن يحيى عن قنبر أنه قال ورظت على بيت المال زقاق من العسل فقال لي الحسن بن علي (ع) يا قنبر أذهب وأتني من الزقاق بمقدار نصيبي من بيت المال فقد نزل بي ضيوف وما عندي ما أطعمهم وإذا وزع أمير المؤمنين العسل فخذ نصيبي و رده إلى بيت المال فجاء قنبر إلى زق منها وأخذ منه بمقدار رطل ولما عرف أمير المؤمنين سأله عن النقصان فأخذ يتعلل فألح عليه أن يخبره فلما أخبره غضب ودعا ولده الحسن فجاء و وقع على قدميه وقال له بحق عمي جعفر إلا ما عفوت وكان إذا أقسم عليه أحد بأخيه جعفر يسكن غضبه .

ثم قال ما حملك على أن تأخذ من عسل المسلمين قبل قسمته فقال له الحسن أليس لي كغيري من المسلمين فقال له بلى ولكن ليس لك أن تنتفع فيه قبلهم أما والله لولا أني رأيت رسول الله يقبل ثناياك لأوجعتك ضربا .

قم واشتر عوضه ورده إلى الزق الذي أخذت منه ففعل الحسن ما أمره به ثم قسمه أمير المؤمنين بين المسلمين و بكى وقال الاهم أغفر للحسن - وبعض الألفاظ- فإنه لا يعلم .

نقد الرواية من عدة وجوه :

بعد البحث والإطلاع تبين أن هذه الرواية غير مقبولة وليست صحيحة لعدة لعدة أسباب :

1- من ناحية السند غير صحيحة لأن الراوي هو عمر بن يحيى بن نافع الثقفي وهو متروك الحديث عند علماء الجرح والتعديل لأنه كذاب أو يأخذ عن الكذبة كما أن اساتذته أكثرهم متهمين بالكذب فكيف صاحب الكتاب ينقل هذه الرواية في كتابه دون تحقيق وهناك رواية أخرى تحمل نفس هذا المعنى وجدتها خلال البحث نقلت عن طريق محمد بن سليمان الكوفي وبحثت عن مصداقية في الحديث فوجدته مجهول الحال فكيف نقبل رواية من رجل مجهول لم يعرف ما هو حاله .


2- لقد روى هذه الرواية كل من ابن أبي الحديد والزمخشري و سبط بن الجوزي وهم من أهل العامة وقد قال الأئمة عليهم السلام إن الحديث الذي يأتي عن طريق العامة مخالفا لما أتى عن طريق الشيعة لا يؤخذ به بتاتا لقول الأئمة كما في الحديث ( عن الصادق عليه السلام ( ... دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم ) الكافي ج1ص


3- ورد عن الأئمة الكرام في  التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي، الجزء1،  ص: 5 ( ما جاءكم من خبر يخالف القران فاضربوا به عرض الحائط . وفي رواية عن أيوب بن الحر قال : سمعت أبو عبدالله عليه السلام يقول : كل شئ مردود الى الكتاب والسنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف ) وسائل الشيعة ج27 ص والرواية محل البحث تخالف القران في قوله تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت وطهركم تطهيرا ) وقد أجمع المسلمون أن هذه الآيه نزلت في الخمسة أصحاب الكساء النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، فكيف للحسن الذي طهره الله من كل دنس أن يعتدي على حقوق الآخرين وينهبها دون أستئذان أو علم أمير المؤمنين عليه السلام . لعمري من صدق هذه الرواية فقد خالف القران و هو لا يعلم إذا كان جاهلا وكافرا إذا كان يعلم .


4 - إن هذه الرواية تخالف الآيات القرآنية و المتواتر من الروايات التي تدل على عصمة الأئمة من أرتكاب الذنوب والخطايا فكيف للحسن عليه السلام أرتكاب هذا الخطأ الكبير كأنه من غير المعصومين عن الامام الصادق عليه السلام قال :( نحن قوم معصومون ، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا نحن الحجة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض ) الكافي ج1 ص169


5 - إن هذه الرواية تظهر الامام الحسن بأنه جاهل لا يعلم الأحكام الشرعية و لا يفرق بين ما هو حق أو باطل وقد قال رسول الله فيه و في أخية الحسين ( الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ) وقال ( الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا ) رواه الصدوق في علل الشرائع ج1ص211 . والإمام هو العالم بالدين والدنيا شهد لهم النبي بذلك فمن يعترض فإنما يعترض على النبي صلى الله عليه وآله .


الخلاصة والخاتمة :


تبين مما ذكرنا آنفا أن الرواية التي تقول إن الامام الحسن أخذ عسلا من بيت مال المسلمين دون إذن من أمير المؤمنين غير مقبولة أبدا لأن الرواي متروك الحديث بسبب كذبه أو اعتماده على كذابيين عند علماء الجرح والتعديل ، كما أنها تخالف القران الكريم في آية التطهير والتي جعلت الامام الحسن بشهادة الله من المطهرين تطهيرا فكيف من شهد له الله بالطهارة يعتدي على حقوق الآخرين أضافة إلى أنه سبحانه عصمهم من الخطأ بدليل آية التطهير وآية أولي الامر وأحاديث كثيرة عن اهل البيت عليهم السلام

تعليقات